ريسان الخزعلي من شعراء الجيل الذهبي

ثقافة شعبية 2023/07/27
...

 سعد صاحب

مات الشعراء الكبار في وثبة الشعر القاتلة، ويبقى السؤال الملح شاخصا في الذاكرة، هل يأتي شعراء آخرون؟ كملون عوالم جيل الستينيات النابض بالحيوية والجرأة والحضور. نعم جاء جيل لا يركن إلى القديم الساكن، وعامر مشغله بالتجاوز والابدالات والمختلف والعميق، وبالتحولات الكبرى في عالم الكتابة، والقابض على معنى شعري لا يفسر ولا يمسك به ولا يسمى، متمثلا بالأسماء الباقية في الساحة وهم: ريسان الخزعلي ورياض النعماني وكاظم غيلان وكامل الركابي واخرون.( ما ميت جنت رفة اجناح بدم صليب تفوت / جنت نايم جذب/ نومة السيف بدفتر الحلاج / وارموشي كحل من عشبة الطوفان/ هسه الموت هزني وما لكيت امي/ من ضاعت عدن واتسودن العراف ). 


حقيقة 

يتقاطع الخزعلي مع الذهن الجامد، لأن الشعر بكل خيالاته المفرطة، هو حقيقة دامغة لا تقبل التحريف، والمبدع الذي لا يظهر السلبيات و الايجابيات الموجودة في الحياة، يفتقد أهم الصفات الجوهرية للإبداع، وهي الصدق والاخلاص والامانة والعزاء .( تتساوه الأعمار بدورة الساحه / ولا نبتة حلم طرت يباس الكاع / كلمن حاير بجثته / وايظل الزمن بمراية اليمشون / واكف ما يدير الشوف / واكف والفرح بس بالنصب كاسر رفيف الخوف  ).


صليب

 لن يكون الشاعر ممثلا عن أوجاع الناس، إلا بقدر التفاعل مع القضايا المصيرية الكبرى، وأن يحمل في صدره صليب الذات الانسانية المعذبة، ويدافع عن القيم الاصيلة، ويحرس ذاكرة الوطن المعرضة للانهيار .

(مومن نار جمرك حتى يطفه ابماي/ جمرك موت يعرض بالعمر مره/ اويغيب المستحه امن الشوف  ).

قصيدة ريسان الخزعلي انعكاس لواقع الناس في العمارة، وانتماء لحياة جديدة في بغداد، لا تتعدى المقهى والانثى والليل وهموم اليسار والرقيب، والاثر الشعري يدور في فلك الماركسية الحالمة، وينتمي قسم منه إلى الواقعية الاشتراكية بقوة، وقسم آخر إلى أجواء الشعر الحديث .

(مهدوم جرفي ابغيبتك مهدوم/ والليله رايد من خيالك ينبنيلي طوف/ رايدكل اصابيعك تسولفلي/ اعلى يا جيسه مشن/ والماي بيهن يا ورد فزز/ وآنه بستان بعيونك عفت مقفول/ واخضر جان كل الشوف).


شجن

حزن الخزعلي ليس سوداويا ولا يسبب الكآبة ، هو شجن انساني عظيم يشع بالبهجة والفرح والتفاؤل، والمبدع يتمكن من قلب معاني الكلمات بطريقة شاعرية مدروسة، وكلنا يعرف أن الأحزان العشقية، تستميل القلب المفطور من هجر او غدر او فراق او خيانة  حزني حزني /سولف إويه الغيمه المعديه/ وإجت ع الباب گذلتها نهر/ اشلون الم حزني عليك / وانته بس الطايح امن اخدودك يعادل كمر ).


تناص ايقاعي 

رأيت شيئا حيويا عند الشاعر الخزعلي، وهو التناص الايقاعي مع الشاعر الكبير مظفر النواب، لاسيما الاشعار المكتوبة على السليقة، او بطريقة التداخل بين النثر والشعر والنغم الطليق، القادم من تراكمات موسيقية مستقرة في الذاكرة، وعلى سبيل المثال قصيدة ( طشة املبس ) او ( يجي يوم انرد لهلنه ) . وهنا لا اشير إلى الوزن الشعري مطلقا ، واقصد تحديدا الموسيقى المنبعثة من الحرف او الكلمة او الجملة الشعرية بالكامل، او جرس القصيدة بصورة عامة، و ما يفيض به من الطرب الشفيف . ( الورده بالسكته تلون الكون موسيقى/ واظن انه بجنون اللون اشوفك / من كمت بعيوني

اسمع ).