كاظم الحسن
يبدو أن ظاهرة النينو قد تجمع القوى الكبرى وتضع خلافاتها جانبا، لأن التهديد خطير ويمس الحياة البشرية ولا مجال للانتظار والتريث وترك الأوضاع على حالها، دون اتخاذ خطوات ملموسة تؤدي إلى مواجهة سخونة الأرض، وهي الأعلى في تاريخ البشرية كما يقول الخبراء.
وفي المنطقة العربية ظهرت ما يسمى بالقبة الحرارية وتأثيرها على سبع دول عربية، ومنها العراق، وهذه الآثار تسبب الجفاف والتصحر وارتفاع درجات الحرارة وتخلق بيئة غير صالحة للعيش البشري. ولم تعد هذه الحرارة تقتصر على مكان دون غيره، بل أصبحت تشمل كوكب الأرض كله دون استثناء، ومنها الصين والولايات المتحد الاميركية وأوروبا الجنوبية والغربية، حتى المدن السياحية في ايطاليا اصابها الركود وقد تساءل وزير الصحة الالماني كارل لاو ترباخ لدى وصوله مدينة بولونيا شمالي ايطاليا وسط موجة حارة حارقة بالقول «عن مستقبل البلاد كمقصد سياحي بسبب الحرارة الشديدة «، بعبارة أخرى أن المشكلة أصبحت عالمية وشديدة الخطورة، ولا بد من وقفة عالمية تتخطى النزاعات والصراعات بين القوى المتنفذة وتنظر بجدية ومسؤولية إلى ظاهرة النينو، لأنها تهدد السلام والاستقرر العالمي حالها حال البراكين والزلازل والاعاصير والأوبئة، التي تهدد البشرية.
ولكن النينو بشكل أوسع ويشمل العالم قاطبة، والمفترض أن الدول المتضررة تدعو مجلس الأمن للانعقاد في اقرب فرصة ممكنة، دون ابطاء لتدارك الأمر ونسيان الخلافات، ووضع خطط ودراسات وستراتيجيات سريعة وعاجلة، لاحتواء ما يحدث قبل فوات الأوان، أي قبل خراب البصرة بحرارتها الحارقة.ما يحدث اليوم على الساحة العالمية من قضايا عالقة ومستعصية مثل الصراع الغربي الروسي حول أوكرانيا وقضية تايوان وغياب الحل العادل للقضية الفلسطينية والكيل بمكيالين في الأزمات الدولية، يجعل المواقف ازاء التغير المناخي بطيئة ومتراخية وشعاراتية. ونعلم جيدا كيف انقسم المجتمع الدولي ازاء جائحة كورونا وصارت الاتهامات بين الغرب والصين حول منشأ كورونا، قبل الذهاب إلى الحلول والعلاج، وهذا اطال من عمر الوباء، بل إن الاتهامات طالت منظمة الصحة العالمية من قبل الولايات المتحدة، ووصمتها بمحابتها للصين، وهددت بقطع التمويل عن المنظمة. وهذا الامر لو انعكس على ظاهرة النينو فإن اية حلول أو علاجات ناجعة سوف تكون مستبعدة في الوقت الحالي. الاتفاقات بين القوى العظمى تكون سريعة وسهلة عندما تكون هناك غنائم، كما حدث في اتفاقية سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا أو اتفاقية مالطا بين روزفلت وتشرشل وستالين بعد الحرب العالمية الثانية، حول تقسيم الغنائم بينهم، وقد اقترح تشرشل على ضرورة حضور البابا هذه المفاوضات، لكن رد ستالين كان قاطعا، حين قال كم دبابة يملك لكي يحضر معنا؟ أي الغنائم للمنتصر! فأي غنائم يحصدون من مواجهة ظاهرة النينو؟.