هل يؤثر اسم الأديب في التلقّي؟

ثقافة 2023/08/02
...

  علي لفتة سعيد

في الكثير من الأحيان يتم تداول النصوص نقديا أو نقاشيا ليس لأنها مبدعة فحسب، بل أيضا لمنتجه الأديب الذي يدور اسمه حول هذه النصوص أو تلك. وهو بهذا  يكون الاسم له المكانة العليا في عالم الأدب، فما أن يذكر الاسم حتى يذكر معه الإبداع، وما أن يذكر نصّ ما حتى يرتبط التلقي باسم المنتج الأديب. والسؤال: هل يؤثر اسم الأديب في مقبولية النص؟ وهل يؤثر أصلا في مزاجية التلقي بأن يكون للاسم نسبة نجاح على عملية التلقّي؟ وهل يكون التلقي متأثرا إلى حد عدم رؤية السلبيات في العمل وعدم الاقتراب منها في العملية النقدية؟.

النَّقد الرَّصين

الشاعر العراقي الدكتور غزاي درع الطائي، يضع منذ البدء ما اسماه بضوء ثلاثية (المؤلف- النص- القارئ)، باعتبار أن نظرية التلقّي لا تخلع سمة الوجود على النصوص، إلّا بوساطة القارئ، وهذا يعني أن القارئ، بتفاعله الشعوري والنفسي والوجداني مع حمولة النصوص، وباستخلاصه المعاني المعرفية والجمالية والفنية لتلك النصوص، عن طريق الفهم والتحليل والتأويل والتذوق، يحقق التفاعل والتأثُّر بطريقة تواصلية، نفورًا أو استحسانا، رفضًا أو إعجابا، انطلاقا من استجابةِ النص أو لا استجابته لمعايير القارئ.  

ويشير الى أن شهرة الأديب لا تأتي من فراغ، أو مصادفة، بل من عمل أدبي مبهر يقدِّمه للقراء، ولا يرتفع اسمه في سماء الأدب بضربة حظ، بل بما هو جديد من النتاج الأدبي غير المسبوق والمؤثر، وعندما يحقّق الأديب الشهرة بسبب الفاعلية العالية لإنتاجه الأدبي، يكون الإقبال على اسم الأديب كبيرًا وواسعًا، تقديرًا لما قدَّمه من أدب راقٍ يتمتّع بالأصالة والجدَّة والفاعلية. 

ويتساءل الطائي: هل يقدِّم الأديب لقرّائه دائما ما هو مبهر وجديد ومؤثر وفاعل؟، وبكلمات أخرى هل يستطيع الأديب أن يطرح مستوى واحدًا عاليًا في كلّ ما يكتب؟. 

ويجيب أن هذا هو المشكوك فيه، والدليل منتشر بين أوساط الأدباء المشاهير وبين غيرهم من الأدباء على حدّ سواء، ولكننا نرى أن الأديب الذي حقّق شهرة عبر تقديم عمل رصين أجمع النقاد والقرّاء على أهميته، سيظلّ محلّ تقدير عال عند القراء، وسيكون مجرّد ذكر اسمه دليلًا على الأدب الرفيع والمستوى الرائق، ودافعا لاقتناء كتبه بأيّة كيفية كانت، وسيكون الطريق الذي سلكه هو الطريق الذي يُحتذى به، والآليات التي اتَّبعها هي الآليات التي يجب إشاعتها عند الآخرين، ويظل الأمل معقودا على النقاد الجادّين (وليس المقلِّدين) الذين يقدِّمون نقدا حقيقيا منصفا منهجيا علميا مكتوبا معلنا ومنشورا، نقدا يضع الأمور في نصابها ويسمّي الأشياء بمسمياتها ويفرِّق بين الليل والنهار وبين الجبل والوادي، سعيا نحو إعطاء الإنتاج الأدبي حقه الذي يأخذه استحقاقا، وعن جدارة وليس عن طريق المجاملة وقوة الاسم في الوسط الأدبي وبين دور النشر. 

ويؤكد أنه لا يمكن نكران تأثير ما يُسمّى بـ (الهرج الإعلامي)، الذي يحيط بأديب ما، فلهذا (الهرج) دور مهم في جعل الكأس الفارغ ممتلئا والمفازة حديقة والقرد غزالا، وهذا (الهرج) تقوم به دور نشر واتحادات ومهرجانات ومنتديات وصحف ومقاهٍ أدبية ومنصات ومواقع إلكترونية ووسائل إعلامية مختلفة، ولكن كل هذا يمكن تشبيهه بالزبد الذي يذهب جفاءً، فسرعان ما يُرفع السِّتار وينكشف كل شيء، ولا يبقى إلا ما ينفع الأدب والمتلقين، وهذا يحتاج إلى زمن، وإلى نقاد ذوي أضواء كاشفة ولا يخافون في قول الحق لومة لائم ويتَّبعون مناهج وآليات علمية رصينة لا يمكن الاعتراض عليها.


الضمير الجمعي

الشاعر والباحث العراقي الدكتور سعد ياسين يوسف يقول: لا يختلف اثنان على أهمية الاسم لما يختزنه من تاريخ ومحطات إبداعية مرَّبها الأديب، ولكن في هذا المجال ثمة مساران لتشكّل الاسم الأول هو الذي تنفخ فيه “أيديولوجيات” ومصالح أطراف معينة فتلمّعه وتنفق عليه الكثير من الجهد والهتافات والدراسات، وتنبري كل حين للدفاع عنه وتسعى بجهد لمنحه الجوائز ولطباعة وإشاعة مؤلفاته وترجمتها وتوزيعها بين السفارات في الخارج وفي بعض الأحيان إقامة النُصب والتماثيل ومنحه الجوائز، وإطلاق اسمه على الشوارع والساحات.

ويستدرك لو وضعنا منجزه على طاولة النقد والدراسة الأكاديمية والتحليل فسنجده لا يستحق كلّ تلك الطبول الممزّقة، ومع مرور الوقت وتبدّل الأزمان سيذهب ما كتب وما كُتب عنه جفاءً ولم يبقَ منه ما يتذكّره الضمير الجمعي ولا التاريخ. 

ويعتبر يوسف هذا خسارة فادحة للأديب، الذي يقع في هكذا شرَك يُفقده أهم القيم الجمالية والإبداعية والأكثر من ذلك يقع في خضم، وهم ونرجسية من ورق صُنعت له من الخارج، فلم يرَ سوى نفسه مبدعاً كبيراً لا يُدانى حتى تكبر أناه وتتعفن. أما المسار الثاني كما يقول الشاعر هو الاسم الذي اشتغل عليه صاحبه بكلِّ جدٍ ونحتٍ في صخور المعرفة، وصولًا لحقيقة الإبداع وعاش معاناته الإنسانية وذاق مرارات الفقر والإهمال والتهميش وربما شهد تجربة الموت لأكثر من مرّة وأحيانا مصادرة أحلامه وتوجيه شتى التهم له ومع ذلك فقد بقي كشجرةٍ راسخة في الأرض تُؤتي أُكُلَها كلّْ حين وكلّما حاول الآخرون إطفاء شعلة ووهج إبداعه زاد تألقاً والأمثلة كثيرة على ذلك عبر التأريخ، فكم من أديب تكالب عليه الظلام وصُلب وحُرقت مؤلفاته لكن نوره لا يزال مشعاً حتى يومنا هذا. 

وعن مزاجية التلقي يبين يوسف أنه ليس كلّ المتلقين بمستوى واحد، ويصنف المتلقي إلى صنفين الأول: وهو الذي يتبع السلوك الجمعي في تلقّيه لنصّ ما أو لإبداع اسم ما دون أن يحكّم أدواته في التلقّي لأنَّه لم يشتغل على تطويرها، أما الصنف الثاني فهو الذي يسعى إلى تشغيل أدواته في التلقي ليميز ما فيه من قيم جمالية وإبداعية أو خلاف ذلك. 

ويقول: هناك من يهبط بذائقة المتلقي لأنَّه لم يحترم عقله وهناك من يعلو بها. طوبى للأسماء التي تحترم تاريخها والتي تشكّل ظاهرة نعتزُّ بها.


المجاملات والجديَّة

أما الكاتب والصحفي العراقي عبدالرحمن عناد فيقول إن: النص المتكامل بناء وفكرة يخلق علاقة وثيقة بين الكاتب والمتلقي، وتزداد وتتطوّر هذه العلاقة بين الاثنين بدوام التواصل ومقبولية المتلقّي للنص وتأثيره فيه، حتى تصل عند المتلقي الى درجة من الإعجاب وربما محبّة من نوعٍ خاص تدفعه لمتابعة كاتبه الأثير والبحث عن جديده، وقراءته لاكتشاف ماجاء به هذا الكاتب من جديد، وهذا يدل بحسب قوله على جدلية العلاقة بين الكاتب والنص وتأثيرها في مزاجية المتلقي، وهو ما يعني بداهة أهمية الاسم وقدرته على التسويق والمنافسة في عالم الابداع؟ 

ويذكر عناد أن الجميع عاش هذه الحالة منذ السبعينات حين كنّا نقرأ خبرًا عن كتابٍ جديدٍ لكاتبٍ نحبّه ونبحث عن إصداره، وقد تكون هناك حالات من الاحباط عند المتلقّي حين يجد هبوطًا في المستوى عند كاتبه المفضل. ويمضي بقوله إن الأمر يعني بها الناقد الموضوعي في تأشير ما هو سلبي، بعيدًا عن المجاملات او الإعجاب والمحبة، وليس خافيا وقوع البعض من النقاد والمؤسسات في فخ المجاملات بعيدا عن الشروط الإبداعية المفترضة بالنص. 

ويعده أمرا يخل بالعلاقة بين الثلاثي: المبدع، المتلقي، الناقد، حيث إن النقد المجامل لا يمارس دوره المطلوب منه من جهة، ويخلّ من جهة ثانية بعلاقته بالمتلقّي، الذي يعتمد في كثير من الحالات على النقد كي يدله على ما هو جدير بالقراءة، ويعطي للكاتب انطباعا ليس حقيقيًا عن دوره واستحقاقه الفعلي في المشهد الثقافي او الإبداعي .ويشير إلى أن الكاتب الذي يعتمد مؤشر المتابعة ورصيد القرّاء، سيعمل على الحرص على هذه الثقة وتقديم ما يعزز مكانته عند القرّاء والنقاد، وهو ما يعني بالتالي رصيدا متصاعدا لاسمه الذي سيفتح له دروب الشهرة، ويؤكد للمتلقي أن رهانه عليه لم يكن خاسرا. ويخلص عناد إلى القول إن لاسم الكاتب تأثيره عند المتلقّي شرط توفّر مثلث المتعة والفائدة والإبداع في النص الذي يقدمه لمتابعيه.


عقدة الخواجة

من جهته، يقول الأديب المصري والسيناريست الدكتور صلاح شعير أنه: لا يمكن أن ننكر أن الاسم له دور في التأثير، كما أن البعد النفسي والرغبة في متابعة الأسماء الشهيرة والاطلاع عن منتجاتهم له دور كبير عند التعامل مع النص الإبداعي، ويعلل من أن ذلك يكون دافعًا للتلقّي من الناحية النفسية، وتخبرنا نظريات التطور الاجتماعي كمفسر للسلوك، أن المجتمع  المتلقي  للأدب عادة ما يترجم شهرة الكاتب إلى رغبة في التعرّف المستمر على إنتاجه؛ ومعرفة مدى تطوّر مستواه؛ ويثبّت شغير أنه لا يمكن نكران أن متابعة المشاهير في عالم الأدب؛ قد تكون بهدف البحث عن الجديد في هذا الإبداع، أو مناقشة الأفكار الجديدة التي يطرحها، أو الاستمتاع بالنص نفسه، وتتحوّل كل هذه الدوافع إلى سلوكٍ محرّك لإشباع هذا الفضول، إما من خلال الدراسات النقدية، أو مجرّد الرغبة في المتابعة كروتين وعادة. 

ويعتبر شعير الشهرة تمثل كاريزما شخصية للأديب أو الكاتب المتحقّق، وتصبح هذه الكاريزما أحد العوامل الأساسية في التأثير، وهذا يشبه ما يعرف اصطلاحًا في المجتمعات العربية «بعقدة الخواجة»، والتي تعني تقديس كل ما هو أجنبي، على أساس الهوية الغربية، ومن هنا تكمن الخطورة، حيث إن البعض ينبطح عند تلقّى الأعمال الأدبية للمشاهير، ويجتهد في تبرير مواطن الخلل الفني في النص، ويحولها إلى مواطن قوة، كما أنه يمكن تصوير ذلك الخلل؛ على أنه تجديد أو تطوير. 

ويحيل الأمر في التفريق بين حالتين.

الأولى: هي حالة النضج الثقافي للمجتمع، ففي ظل جودة التعليم، والإعلام كمناخ حاضن للثقافة لا توجد مشكلة، لأن شيوع وذيوع اسم الأديب يكون عن جدارة، كما أن النقد المتخصص في هذه الحالة؛ يفنّد المحتوى والبناء الفني للنص المطبوع بحياد، وعادة ما يكون هذا التفنيد خاضع لأسس منطقية، وبالتالي؛ يكون للاسم دور في لفت الانتباه؛ نتيجة الجدارة التي تكونت للكاتب عبر الزمن، دون أن يؤثر ذلك في التلقي. 

ويذكر الثانية من أنها تتمثّل في التيه الثقافي في الأدب العربي حاليًا، فإن التلقّي يكون سطحيًا في كثير من الحالات، لأن الدعايات عبر الإعلام التقليدي، أو مواقع التواصل الاجتماعي، قد يصنعان نجوم من ورق، أضف إلى كل ذلك وقوف هيئات ومؤسسات دولية؛ بهدف تسويق أقلام هشة، من أجل نشر أيديولوجيات ثقافية تتعارض مع القيم والعادات العربية الاصيلة، وأيضًا قد يكون التعاطي مع النص الإبداعي طبقًا للنزعة العرقية، أو الطائفية، أو غيرها، وكل هذا يؤثر سالبًا في عملية التلقي.


النص والاسم

الباحث والمسرحي المغربي أحمد بلخيري يشير إلى وجود ثلاثة مفاهيم هي: الأديب/ النص الأدبي/ التلقي. هذا المفهوم الأخير كان موضوع اتجاه نقدي في الغرب تمّت صياغته تحت مفهوم «جمالية التلقي»، وهي جمالية تحتفي بمتلقّي النص، عكس البنيوية التي تحتفي وتجعل مدار اشتغالها النص الأدبي وحده.

 ويشير إلى أن من مفاهيم هذه الجمالية مفهوم «أفق الانتظار»، وهو يتعلّق بخرق أو عدم خرق النصّ لأفق انتظار المتلقّي. ويرى بالخيري بالمقابل، سيتم التركيز على الموضوع، المكون من المفاهيم الثلاثة المذكورة، بناء على ما هو مُلاحظ على الصعيد العربي. ذلك أن الناقد الأدبي العربي، إذا لم يكن مُسلّحًا بتصوّر منهجي يجعل وُكْدَهُ وغايته هما تشريح النص الأدبي من الداخل، فقد ينزلق فيصدر أحكامًا نقديةً عن النص الأدبي بناء على خلفية مسبقة عن الأديب نفسه، مبدع النص، بغض النظر عن طبيعة تلك الخلفية. فقد بينت التجربة النقدية بالملموس أن الناقد الأدبي قد يصدر أحكاما عن النص الأدبي، على الصعيد العربي، بناء على موقع أو انتماء الأديب. وعن هذا الموقع يقول: قد يكون لهذا الأديب المفترض موقع مَّا في دواليب الإدارة والسلطة، وانطلاقا منه، مراعاة لمصلحة شخصية للناقد، يكون إصدار الأحكام النقدية. وقد يكون له انتماء لجهة سياسية مَّا. هذه الجهة، والموقف منها تحديدا، هي التي تحدد بوصلة هذا الناقد. وعلى هذا الأساس، يكون اسم الأديب مؤثرا سلبا وإيجابا. ويمكن أن تصدر أحكاما متناقضة عن النص الأدبي نفسه من لدن ناقدين مختلفين، لا يقتصر اختلافهما على ذواتيهما فحسب بل يشمل اختلافهما أيضا الاختلاف حول اسم الأديب، بسبب وجود خلفيات مسبقة عند كليهما. وبحسب قوله فإنه درءا لمثل هذا النقد غير الموضوعي، انفتح النقد الأدبي على العلوم الإنسانية فاستعمل مفاهيمها في دراسة النص الأدبي. من هنا جاءت، على سبيل المثال، سوسيولوجيا الأدب، وسوسيولوجيا النص. كما جاءت أيضا السيميائيات التي تدْرُس وتحلل العلامات النصية، أي الموجودة في النص ذاته، بعيدا عن اسم مؤلفه. وفعلا، توجد اليوم في النقد الأدبي العربي المعاصر كتُب تندرج في هذا الإطار. 

ويفترض بلخيري هو أن محلّل النص الأدبي لا ينطلق من مزاجه، بل من موضوع اشتغاله. لكن قبل الاشتغال، لا بد من امتلاك معرفة واسعة بنظرية الأدب وتطور الأدب بصفة عامة، فضلا عن اكتساب ثقافة منهجية. 


قتل الإبداع 

وتؤكد الأديبة العراقية نور أحمد الدليمي أن اسم الأديب يؤثّر في ما لو كان اسمًا معروفا ويحيط به الكثيرون من الأصدقاء نقادًا أو أدباء، وربما الكثير منهم ينحاز لاسم الكاتب لا للنص وربما يكون للمجاملات نصيبا.

 وتفسّر ذلك من أن النص ليس ذا قيمة أدبية، ولا يكون بالمستوى الإبداعي المطلوب ولكن أرتفع وأرتقى منصّة الإبداع على حساب المجاملات بين الأصدقاء فأصبح الاسم لامعًا ومعروفًا وكبيرًا وتضيف لو كانت دار طبع مرموقة ومعروفة تروّج له وترفع من نسبة مبيعات ونشر إصدارته. 

وتذكر الدليمي أنه إذا أتينا إلى فحوى أو محتوى الكتاب نجد نصوصًا عادية جدا، وربما أقل بكثير من ذلك فيصدم القارئ متسائلا لمَ كل هذا الترويج والنشر والإشادة بمحتوى يكاد يخلو من الإبداع، وهنا يعمّ صمت النقاد السلبي ولا يستطيع أحد الاقتراب من اسمهِ الّا بالإشادة له دون أية مبرّرات أخرى.

وتضيف: نجد الكثير من الكتب والتي تحمل عنوانات تجذب المتلقي إلّا إن مضمونها لا يعبر عنها، حيث يكون محتواه هابطا وليس ولن يجد فيه متعة القراءة والغوص بين دفتيه فمثل هكذا كتب مصيرها الزوال والأجدر بها إلا تُدرج تحت مسمى الأدب وهذا من واجب الناقد الحذق التنبيه ونقد مستوى الكتاب والكاتب لركنه في زاوية إعادة النظر فيه/ وتستدرك انه قد نجد نصًّا أو كتابًا يذهلك يأخذك لعالم الفلسفة والإدراك الحسي، وما وراء الذات الخفية لكاتب غير معروف ولا أحد يبالي به لعدم إحاطتهِ بأصدقاء المجاملات من النقاد وعدم تسليط الضوء على محتوى نصّه الإبداعي ليكون في الواجهة لذلك بقي مطمورًا تحت رفوف المجاملات فلم يبرز الاسم فمات الإبداع وتشير انه لو تم نقده من ناحية البناء والأسلوب واللغة لجرحه وأخرج مكامن الضعف التي تكاد لا تكون مهمة بالنسبة لنصّ ممتاز وترك جميع الجوانب الإيجابية، بذلك يكون قد مزّق النص وقتل الحس الإبداعي لدى الكاتب فعلى الناقد أن يكون أمينًا وناصحًا في نقده وبأسلوبٍ محبّب ولطيفٍ غير جارح وبروح يتقبّلها الكاتب ويأخذ بما يقال له، فالكاتب يريد من يقومه ويقيمه كأستاذ يخاف على مستوى الطالب المجتهد من بعض الهفوات فينبهه حين يخفق لا يهاجمه، وعلى الناقد أن يغض النظر عن الاسم فهو ينقد نصًّا أو محتوى لا اسما حيثُ لكل كاتب أسلوب وطريقة وعليه أن يكون ملما بكل هذه الأساليب والطرق لعدم تهميش الكاتب، وإعطاء النص حقه في النقد ويكون النقاش بَنّاء بين الناقد وما يكتبه الكاتب لاسيما في المجال الأدبي والثقافي .