من أبرز شعراء المنبر الحسيني: عبد الحسين أبو شبع.. غريد الشجن وحكيم القصيدة الشعبيَّة

ثقافة شعبية 2023/08/03
...

 عادل العرداوي

*مع حلول شهر محرم الحرام، المتزامن مع ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه الميامين في معركة الطف في عام 61 هجرية، نستذكر لمحة موجزة عن تلك المراثي الحسينية الشجية، التي ترددت  وتجددت بين أصداء الزمن وعبر العصور ولتبقى خالدة خلود الحسين وثورته الحقة بوجه الظلم والضلالة .
* ولعل سائل يسأل عن سر نجومية عبد الحسين ابو شبع، والجواب أن هذا الرجل يمتلك أفقاً واسعاً حيث تجاوز مرحلة الشعر التقليدي المتوارث والمكرر  وأقدم على توظيف القصيدة الحسينية المنبرية لأن تكون صوتاً صادحاً ناقداً رافضاً للظلم والتعسف، وصارخاً معبراً عن خلجات الناس الكادحين في  المجتمع، وهذا ما نادى به الإمام الحسين حين  واجه الظلم والضلالة وضحى بنفسه وأهل بيته في ثرى كربلاء ليبقى  نبراساً حياً عبر
الزمن.
* وعندما باشرت في كتابة هذه المقالة المتواضعة عن هذا الشاعر العملاق وجدت نفسي في حرج وحيرة من أمري، كيف اختار وأي قصيدة اسلط الضوء عليها وأي قصيدة أغض الطرف عنها ووجدت نفسي واقفاً على ضفاف بحر زاخر من الشعر القوي والرصين والمؤثر والخالد، خاصة اذا ماعرفنا أن أبا شبع وحسب روايات أصدقائه القريبين منه أنه كان ينتج في اليوم الواحد أكثر من ثلاث قصائد (ما شاء الله) حتى أن بعض الذين تطوعوا
بكتابة وتدوين  ذلك الشلال الشعري  المنهمر كالمطر عجزوا عن اللحاق
به.!

* والحال تسري ايضاً على شعره الاجتماعي والوجداني، الذي هو الآخر انتشر بين الناس انتشاراً هائلاً حفظوه ورددوه لما يحمله من الحكمة والبلاغة والطرافة والنقد الساخر لكل الأمور المعوجة، التي يراها ويلمسها أبو شبع في الجوانب المعاشية والسياسية والاخلاقية دون خشية من حاكم متسلط وغيرها ولعلنا نكتفي هنا بهذين البيتين من الموال الأول للشاعر ابو شبع الذي يقول فيه مشخصاً بعض العلل الاجتماعية:

ياصاحب اوصيك وي اهل المكارم چلب
فكر بها واصبر لگشور النوايب چلب
الناس ماهم سوه بيهم شريف وچلب
وبيهم تحسبه وتنسبه او للشرف ينساب
وبيهم اللي چالافاعي لو لدغ ينساب
انچان سبك نذل ماله عرض ينساب
وانچان عضك چلب قابل تعض الچلب؟
فرد عليه الشاعر الراحل علي حسين التلال :
ظل اعله مسعاك بحبال التوافه چلب
 واتدور الگشور واللب ترفضه چلب
گلبي الطعنته اجعله للمواصل چلب
ماريد ارفض شعوري عالاودهم واسد
وآنه الصحيبي صرت سوراً منيعاً اسد
ياناس مو عيب من تجرحني عظة چلب
لاچـن العيــب العليــه مـن يعظنـي
الچلب!
ولا بد من الاشارة هنا إلى ان كتباً عديدة صدرت في السنوات الأخيرة وثقت لبعض نتاجات ابو شبع وليس جميعها منها على سبيل المثال لا الحصر:
ديوان (حسينيات أبو شبع) وديوان (قصائد مختارة)، أعدها الاديب طاهر الشافعي، وديوان (مشاعر الولاء) الذي يقع في (4) أجزاء، وديوان (روائع عبد الحسين  أبو شبع الاجتماعية) التي أعدها الاديب احمد الكعبي، وديوان (الشيخ عبد الحسين ابو شبع النجفي/ حياته الأدبية والسياسية ) لمؤلفه الزميل صلاح اللبان، وقيد الطبع موسوعة (مدرسة الشعر .. لعبد الحسين ابو شبع) من اعداد جعفر الكرماني وحفيد الشاعر علي ابو شبع فضلاً عما نشرته الصحف والمجلات طيلة أكثر من نصف قرن لهذا الشاعر المتميز ..
ولعلي لا أجد امامي وأنا أختم هذه السطور المتواضعة التي اسجلها بحق هذا الشاعر الكبير إلا أن استعير هذين البيتين من زميله الشاعر الراحل رسول محيي الدين اللذين  قالهما في رثاء رفيق دربه الشعري الطويل عبد الحسين ابو شبع عند استشهاده مسموماً في عام  1980:
چنت شمعه انطفت مابين الايدين
تذوب الظلمه للناس وتضوي
ولو صوتك خفه ياعبد الحسين
اعله ذبحة كربلا صرخه وتدوي