الفتيات في بيئة العمل.. ظروفٌ قاهرةٌ ودعمٌ محدود

ولد وبنت 2023/08/07
...

 سرور العلي
بسبب ما تعرضت له الشابة فاطمة عماد في المكان الذي تعمل به من تحرش واستغلال، اضطرت إلى تركه بالرغم من حاجتها للمبلغ الشهري، لظروف أسرتها المادية المتدهورة، وكونها طالبة جامعية، فهي بعوز مصاريف كثيرة، تقول”أطمح إلى إيجاد عمل مناسب، وأصحابه يضمنون حماية العاملين معهم وحقوقهم”.
من جهتها ترى الموظفة زهراء علي أن هناك زملاء في الدائرة يقدمون دعمهم لها، من دون الحصول على مقابل، وإنما بدافع إنساني، وهو ما حصل معها، حين كانت بحاجة للانتقال إلى قسم آخر في الدائرة التي تعمل بها، فقام أحد الموظفين بمساعدتها، وأكمال جميع الإجراءات لها.
ولفتت إلى أن هناك أمرا يحدث في معظم بيئات العمل، وهو محاربة المرأة من المرأة نفسها، فتكون كارهة لبنات جنسها، لتأثرها بالعقلية الذكورية، وبالأفكار التي تراكمت عبر السنوات، لتشكل لها كالموروث أو العادات
والتقاليد.
يرى احمد علي موظف بإحدى المؤسسات أن الاعتماد يكاد يكون كبيرا على البنات في كثير من دوائرالدولة، وهن اكثر انتاجا واجتهادا من الشباب الذكور، وذلك ما يشجعنا على مساندتهن ضمن استحقاقهن، خاصة إذا كان محيط العمل مليئا بالنفاق والغيرة،  فإن معاناتهن لاثبات جدراتهن صعب جدا، ولذا يتعرض الكثير منهم لأقسى أنواع التهميش أو الاتهامات الباطلة، ومن النادر أن  يجدن من يقف لجانبهن بالقضايا التي تسهم بدعمهن.
ولي جليل الخفاجي، باحث اجتماعي أوضح: “إن بيئة العمل مهمة جدا، خاصة للفتيات، وهن عادة أكثر عرضة للتحرش والابتزاز، لذلك يجب أن تختار البيئة النظيفة، وأن تكون طبيعة العمل تناسب عاداتهن وتقاليدهن وقيمهن، حتى لا يصابن بالوصم الاجتماعي، كذلك سمعة المكان الموجود من الناحية الاجتماعية، والصفة القانونية والإدارية مهمة جدا، وسمعة العاملين الموجودين، وحتى في بعض الأحيان سمعة من يترددون على مكان العمل، وكل هذه الأمور ينبغي أن تضعها الفتاة بنظر الاعتبار، وإن تحققت هذه الشروط ستضمن حقها من جهة، وحمايتها من الاستغلال والتحرش من جهة أخرى، وعلى مستوى الشباب والمراهقين فحماهم قانون العمل العراقي، من خلال منعهم من مزاولة العمل دون سن 15 عاماً، أما فوق هذا السن ولغاية 18 عاماً أيضاً حدد طبيعة العمل، لحفاظ حقوقه، والحد من استغلاله، لكن اليوم ما يحدث هو عكس ذلك، إذ يزاول الفتيات والشبان العمل دون السن القانونية، ومن دون متابعة ومراقبة من الجهات الرسمية، وبالطبع هذا يسبب البطالة والفقر، وعدم وجود مؤسسات حكومية تأوي هذا العدد، والأمر الذي يعرض الفتيات للابتزاز، وبسبب عدم وجود ضمان اجتماعي وهو مهم جدا”.
وأشار الخفاجي إلى أن بعض الفتيات يكبتن ما يمرن به من ظروف قاهرة في العمل، خوفاً من التخلي عنهن، وعلاج هذه المشكلة كبير على المستوى القانوني والدولي، لكن نختصره أولاً بتفعيل قانون الضمان الاجتماعي للعمال، ولكل الأعمار ولكل المؤسسات، ويكون العامل أينما يعمل لديه ضمان، وثانياً ضرورة تشريع قوانين تتناسب مع الأعمال الجديدة للفتيات، ففي السابق كان لديهن أعمال معينة ومحددة، أما اليوم اصبحن يكلفن بمهام كثيرة اخرى، لذا يجب تشريع هذه القوانين، كذلك من الضروري معالجة البطالة، عن طريق إيجاد فرص عمل تتناسب مع قابلية الشباب وقدراتهم، وتلائم طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده وأعرافه، وحتى لا تصاب الفتيات بالوصم الاجتماعي.
جلال الحسناوي، مدرب تنمية بشرية بيّن أنه موضوع مهم جدا، وقد يختلف الكثير في تقييم هذه الحالة، فالأغلب يجزم أن النساء هن الأكثر حظاً في الحصول على فرصة العمل، فأنا أرى أن الفتيات ينلن الفرص أسرع من الشباب، ولكن بالمقابل هنالك تعامل غير إنساني من قبل بعض أصحاب العمل تجاه الفتاة، فبعضهم يراها فريسة ويحاول بشتى الطرق الانقضاض عليها، أما إذ دخلنا بموضوع المنافسة من قبل الجنس نفسه، فنراها في معظم الأحيان للأسف منافسة غير شريفة، ويكون مبدأ تسقيط الآخر هو المتسيد في
ذلك الوقت.