اكتئاب الصيف

ولد وبنت 2023/08/07
...

عواطف مدلول

التغيرات الموسمية في الطقس غالبا ما تترك آثارا سيئة على  نفسية ومزاج معظم الناس، حيث تنتشر في كل ذروة للفصل حالة من الاضطرابات تصل حد الإصابة بنوبات الاكتئاب الحاد لدى البعض، فتكون أعراضه مزعجة جدا وواضحة ايضا، من خلال انعدام الشغف والشعور بالملل والكسل والرغبة المفرطة بالاكل، أو ربما بالعكس فقدان الشهية، وغيرها من المؤشرات، التي تجعل الحياة لا تسير بالشكل الطبيعي كما يخطط لها.
كآبة الشتاء هي الأكثر شيوعا في العالم، لا سيما في البلدان التي تغيب عنها الشمس لساعات طويلة، لذا تعالج بالتعرض للضوء كحل ضروري للمشكلة، اما في المناطق التي تعاني من ارتفاع  درجات الحرارة في الصيف، فالجو يبعث إحساسًا بالخمول وانخفاض الطاقة وعدم القدرة على القيام بالأنشطة المختلفة، لذا هناك من يلجأ لاختيار العزلة والمكوث بالبيت مجبرا.
الشباب  أكثر الفئات العمرية التي تربكها سلبيات الجو، وعادة ما يبادر بعضهم بردة فعل يظهر غيظه منها، تنعكس على سلوكياته التي تصبح عدوانية وعنيفة، وبالذات اذا كان ذلك  يتزامن مع الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، ويتسبب في إصابة الساعة البايولوجية بالخلل، جراء السهر واختلاف مواعيد النوم، لا سيما اذا حدث عطل لأيام عدة بالكهرباء، وتوقفت (المكيفات) عن العمل، وبالتالي فإن أوقاتٍ كثيرة تهدر دون إنتاج ولا تحقيق أي انجاز، فمهنم من يصب غضبه على كل شيء من حوله، وقد يخوض المعارك، ويختلق المشكلات لأتفه الاسباب، ويقحم نفسه بمطبات دون قصد، متأثرا بتقلبات الطقس التي تزيد من توتره وقلقه، فينتهي يومه مرهقًا محبطًا، لأنه عجز على أداء واجباته وأعماله اليومية، وكذلك هواياته المفضلة.
 مهارات ومواهب يؤخر عطاءها الصيف، بل تدفن أحيانا، لأن برامج الاهتمام بها تهمل ولا تنفذ أو تؤجل لإشعار آخر، وهناك دراسات تشير إلى  أن المرأة تصاب بالاكتئاب فيه أكثر من الرجل، خاصة البنات بالأعمار المراهقة والشابة، بسبب التغيرات الهرمونية، التي تحدث بأجسامهن، لذلك عادة ما يخيم عليهن الحزن واليأس، وكذلك التذمر والشكوى كما تراود بعضهن أفكارا سوداوية (انتحارية) في ذلك الفصل، بعد أن يفشلن بالوصول إلى  كثير من أحلامهن بالرشاقة أو الدراسة مثلا.
إتباع أنماط جديدة للتعامل مع تلك التبدلات المؤقتة بالجو هو ما ينصح به، والاندماج والاختلاط بعلاقات الصداقة الايجابية والتفاعلات الاجتماعية، والخروج من المنزل في الاوقات المناسبة، التي يستقبل بها الجسم فيتامين D، الذي يعدُّ محفزا للتفاؤل وتهدئة الأعصاب، واذا توفرت فرصة  للسفر، يمكن استثمارها لشحن الطاقة وتحسينها، ومن الضروري ممارسة أي أنواع من الرياضة، التي تجعل الجسد يفرز هرمون السعادة (الاندروفين).
والأهم من كل ذلك الاقتداء بعدد هائل من الشباب، التي تتطلب مهنهم قضاء ساعات النهار تحت لهيب الحر، والتعلم منهم صفات الإيثار وضبط النفس والتحكم بها، من خلال تحملهم أقسى الظروف، التي تجهدهم إلى درجة التعب والاعياء أحيانا، مسؤولية تثقلهم لكنها تعزز وتبني القيم لديهم، لذا يسيطرون عليها بالصبر، يدفعهم لذلك هدفهم السامي في الحصول على لقمة العيش، بحب وبضمير مرتاح لإعالة أسرهم.