عيد العمال والعدالة الاجتماعية

آراء 2019/05/01
...

محمد صادق جراد
 

عانت الطبقة العاملة في العالم من مرحلة طويلة من الظلم الاجتماعي ، ما جعلنا امام انطلاق ثورات واضرابات واعتصامات كثيرة ، رفعت من خلالها هذه الشريحة المهمة مطالبها وقدمت الكثير من التضحيات لانهاء فترة مظلمة من الظلم والسيطرة . وعندما نتكلم عن حقوق العمال والثورات التي شهدها التاريخ لابد من القول بان السلم الأهلي للمجتمعات يتأثر سلبيا بالظلم الاجتماعي الذي قد تتعرض له أي شريحة من شرائح المجتمع لان الظلم لطالما أدى الى ثورات وانتفاضات قد تصل الى درجة الحروب الداخلية ومن اجل هذا سعت المنظمات الدولية والمجتمع الدولي بصورة عامة الى سن القوانين والاتفاقيات التي تهدف الى نشر العدالة الاجتماعية خدمة للسلام في العالم . 
هذا من جانب ومن جانب آخر لابد من الإشارة الى حقيقة مهمة للغاية وهي ان بعض الدول تسعى لتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية على حساب الأمن الاجتماعي وعلى حساب تحقيق العدالة الاجتماعية ليكون العمال هم الضحية الأولى عندما يكونون اداة للتقدم الاقتصادي ولا يحصلون بالمقابل على مقومات العيش الكريم وعندما تغيب المساندة النقابية والمهنية لهم ليعملوا ساعات طويلة ويقدموا جهدا كبيرا مقابل اجر بسيط وبدون ضمان اجتماعي لهم ولمستقبل عائلاتهم , ولذلك لابد من إيجاد توازن بين التقدم الاقتصادي والتقدم الاجتماعي لضمان عدالة اجتماعية تضمن السلم العالمي . من اجل كل هذا كان لابد من وضع القوانين الدولية وتطويرها وضمان تطبيقها من اجل حماية هذه الطبقة المظلومة من خلال وضع المعايير في مجال حقوق العمال ليضع سقفا قانونيا للقوانين الوطنية الخاصة بحقوق العمال بحيث لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع كحظر الاستغلال وعمل الأطفال ورفع الأجور بما يتناسب مع مستوى المعيشة وتحسين ظروف العمل بما يضمن كرامة العامل إضافة الى ضرورة ضمان مستقبل تقاعدي مناسب . 
ولقد برزت العديد من المنظمات التي تعنى بشؤون العمال والمطالبة بحقوقهم كمنظمة العمل الدولية التي تهتم بوضع وتحقيق المبادئ الأساسية لحقوق العمال والسعي لإيجاد فرص عمل مناسبة للرجال والنساء تضمن لهم دخلا مناسبا بالإضافة إلى دعم وتوسيع نظام الحماية الاجتماعية كالتامين الصحي والاجتماعي. وبالرغم من اهتمام المنظمات الدولية بمسالة حقوق العمال على المستوى الدولي الا ان تلك المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة مازالت لا تمتلك الآليات اللازمة لتطبيق القوانين الخاصة بهذا الجانب وفرضها على الأنظمة والحكومات الأمر الذي يجعل العمال يعتمدون على أنفسهم وعلى نقاباتهم في المطالبة بحقوقهم التي هي ضمن حقوق الإنسان .
المهم هنا اننا في العراق لابد ان نستثمر الحالة الديمقراطية الجديدة باتجاه مواكبة القوانين الدولية والتفاعل معها من اجل ان نضمن للطبقة العاملة في العراق أفضل الظروف التي نصت عليها القوانين الدولية واقرها المجتمع الدولي ومن اجل ان نحقق العدالة الاجتماعية لشريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي ..