التأهيل الأكاديمي للشباب ومتطلبات سوق العمل

آراء 2023/08/12
...

 أ.د. طلال ناظم الزهيري


تعد مواءمةُ برامجِ التعليمِ الجامعيِ معَ المتطلباتِ المحددةِ لسوقِ العملِ ذاتِ أهميةٍ قصوى لمؤسساتِ التعليمِ العالي. تؤثرَ هذهِ المواءمةِ بشكلٍ مباشرٍ على قابليةِ التوظيفِ والنجاحِ طويلٍ الأجلِ للخريجينَ وهمْ يشرعونَ في مسيرتهم المهنيةِ. في الاقتصاداتِ سريعةً التطورِ والصناعاتِ الديناميكيةِ اليومِ، أصبحَ من الضروريِ للجامعاتِ التأكدَ منْ أنَ عروضها الأكاديميةَ تتوافقُ بشكلٍ وثيقٍ معَ المهاراتِ والمعرفةِ التي يطلبها أصحابُ العملِ. منْ خلالِ مواءمةِ برامجِ التعليمِ الجامعيِ معَ احتياجاتِ سوقِ العملِ، تؤديَ الجامعاتُ دورا مهما في إعدادِ الخريجينَ للتحديات والفرصِ التي سيواجهونها في المساراتِ الوظيفيةِ التي يختارونها. تعملَ هذهِ المواءمةِ على سدِ الفجوةِ بينَ التعلمِ النظريِ والتطبيقِ العمليِ، وتزويدَ الخريجينَ بالكفاءاتِ ذاتِ الصلةِ التي يبحثُ عنها أصحابُ العملِ بشدةٍ. بالتالي، فإنَ الخريجينَ في وضعِ أفضلَ لإجراءِ انتقالٍ سلسٍ وفعالٍ من البيئةِ الأكاديميةِ إلى العالمِ المهنيِ. تتمثلَ المهمةُ الأساسيةُ للتعليمِ الجامعيِ في رعايةِ وتطويرِ إمكاناتِ الطلابِ، وإعدادهمْ لمهنٍ ناجحةٍ ومساهماتٍ ذاتِ مغزى في المجتمعِ. لا يمكنُ تحقيقَ هذهِ المهمةِ إلا عندما تشاركُ الجامعاتُ بنشاطٍ معَ أصحابِ المصلحةِ في سوقِ العملِ. منْ خلالِ تعزيزِ شراكاتٍ قويةٍ معَ أصحابِ العملِ، تكتسبَ الجامعاتُ رأى قيمةً حولَ الاحتياجاتِ المتطورةِ لمختلفِ القطاعاتِ، مما يضمنُ بقاءَ برامجها الأكاديميةِ ملائمةً ومتجاوبةً معَ متطلباتِ الصناعةِ. وتجدرَ الإشارةُ إلى أنَ المقياسَ الحقيقيَ لنجاحِ أيِ جامعةٍ لا يكمنُ في رتبتها في التصانيفِ العالميةِ فقطْ، ولكنْ في التفضيلِ الذي يظهرهُ أربابُ العملِ لخريجيها. لذلكَ، يجبَ على الجامعاتِ تجاوزَ المعرفةِ النظريةِ والتركيزِ على تنميةِ المهاراتِ العمليةِ التي تتوافقُ معَ الاحتياجاتِ الحاليةِ والمستقبليةِ لسوقِ العملِ. إنَ تصميمَ البرامجِ لتلبيةِ متطلباتِ الصناعاتِ الواسعةِ أو قطاعاتِ العملِ المحددةِ يعززُ قابليةَ توظيفِ الخريجينَ ويعززُ سمعةَ الجامعةِ كمصدرٍ موثوقٍ بهِ للمهنيينَ المجهزينَ جيدا. القوةُ العاملةُ المجهزةُ جيدا هيَ المحركُ الرئيسيُ للنموِ الاقتصاديِ 

والإنتاجيةِ. 

عندما يمتلكُ الخريجونَ المزيجَ الصحيحَ منْ المعرفةِ والمهاراتِ والكفاءاتِ، فإنهمْ يصبحونَ مساهمينَ قيمينَ في الابتكارِ والتطويرِ في مجالاتِ تخصصهمْ. وهذا بدورهِ يؤدي إلى تعزيزِ الازدهارِ الاقتصاديِ وزيادةُ القدرةِ التنافسيةِ على المستويينِ الوطنيِ والعالميِ. تعملَ التطوراتُ السريعةُ في التكنولوجيا على إعادةِ تشكيلِ اتجاهاتِ سوقِ العملِ باستمرارٍ، مما يتطلبُ مهنيينَ يمكنهمْ التكيفُ والازدهارُ في مشهدٍ سريعٍ التغيرِ. على هذا النحوِ، يجبَ على الجامعاتِ أنْ تدمجَ بشكلٍ استباقيٍ أحدثِ التطوراتِ التكنولوجيةِ وأفضلُ الممارساتِ التطبيقيةِ في مناهجها الدراسيةِ. منْ خلالِ القيامِ بذلكَ، فإنهمْ يضمنونَ أنَ الخريجينَ على درايةٍ جيدةٍ بالتقنياتِ المتطورةِ وأنهمْ أكثرُ استعدادا لمواجهةِ التحدياتِ التي يمثلها العصرُ

 الرقميُ.