الشباب المهمّش

آراء 2023/08/12
...

 اياد مهدي عباس


من الأهمية بمكان ان يدرك السياسي المتصدى للمسؤولية أهمية الشباب ودورهم الكبير في بناء الوطن، وتحريك عجلة التنمية المستدامة فيه اذ أدركت كثير من الدول منذ فترات طويلة أن طاقات الشباب وطموحاتهم تمثل ديناميكية التطور في المجتمعات، التي يعيشون فيها وادركت ايضاً ان فئة الشباب تشكل القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها عملية البناء والتقدم في اي بلد من بلدان العالم لما للشباب من قدرات جسدية وفكرية تسهم بشكل كبير في بناء الحاضر وصناعة المستقبل، لذلك اعتمدت هذه الدول في نهضتها وتقدمها بشكل اساسي على هذه الفئة العمرية، فهيأت لها اسباب التطور والتعلم واكتساب المهارات الفنية والعلمية وتحفيز حالات الإبداع الكامنة فيها وذلك من خلال رصد جميع الإمكانات المادية والمعنوية اللازمة للنهوض بهذه الشريحة المهمة. 

 وكما هو معلوم أن مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان حيث تكتمل فيها شخصية الفرد وتنضج أفكاره وتطلعاته، ويكون قادراً على تحمل المسؤولية إذا ما توفرت له الفرص المناسبة لذلك، الاّ إن ثمة فجوة كبيرة بين طريقة إستثمار الشباب في الدول المتقدمة التي تعتمد الأساليب الحديثة في تأهيل الشباب تحت اشراف الدولة المباشر وضمن خطط علمية مدروسة وبواسطة برنامج عمل الشباب التابع للأمم المتحدة وبين الدول النامية، التي لا تعير أهمية كبيرة لفئة الشباب لأسباب تتعلق بطبيعة النظم السياسية القائمة في هذه الدول، وجهل حكوماتها بأهمية الشباب في صنع المستقبل وتجاهل دورهم الكبير في إحداث تنمية شاملة في البلاد، ففي العراق على وجه الخصوص يعيش الشباب حالياً أزمات مركبة ومتوارثة من ازمات سابقة حيث تعرضت فئة الشباب إلى اهمال متعمد لعقود طويلة من الزمن بل كانت وقوداً لحروب عبثية طاحنة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، استنزفت جميع قدرات الشباب وطاقاتها مع ازمات حديثة قادمة من ثقافات غربية عبر الانترنت وتأثر الشباب بمفاهيم دخيلة على مجتمعنا، إضافة إلى غياب التخطيط الحكومي لإستثمار هذه الثروة البشرية وتأهيلها وتوظيفها بالشكل الذي يخدم حركة التطور والتنمية المطلوبة.

وعلى الرغم من توفر الموارد المالية في العراق حالياً، إلا أن هذه الفئة ما زالت تعيش حالة التهميش والضياع بسبب الصراعات السياسية والفساد الادراي والمالي مع غياب واضح للتخطيط العلمي والمنهجي للاستفادة من هذه الطاقات الشبابية والاستعانة بها في اعادة بناء الوطن لذا يجب على الحكومة العراقية الحالية والكتل السياسية التي تقود البلاد ان تولي اهتماما كبيرا لقطاع الشباب من خلال وضع الخطط اللازمة للاستفادة القصوى من قدراتهم العلمية والفكرية من أجل إحداث نهضة شاملة في كافة المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية ومحاولة اقتباس تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، ونقل هذه التجارب إلى الواقع العراقي لغرض تطوير هذه الشريحة الكبيرة والمهمة، وعكس ذلك سوف يعرض هذه الشريحة للافتراس من قبل التيارات المنحرفة وتجار المخدرات والجريمة المنظمة.