الأوروغواي تجاهد لتفادي أزمة الجفاف

بانوراما 2023/08/12
...

  جاك غاي

  ترجمة: بهاء سلمان

مع مكافحتها لسنوات عديدة من حالة قلة الأمطار وارتفاع بدرجات الحرارة، تسير الاوروغواي نحو الجفاف. وصار الوضع سيئا للغاية لدرجة إرغام السكان على شرب مياه الصنبور المالحة، مع تواصل العمال بحفر الآبار وسط العاصمة. ومؤخرا، أعلن الرئيس «لويس لاكال بو» حالة الطوارئ المائية لمنطقة العاصمة.

يرسل الوضع موجات صدمة عبر هذه الدولة الغنية نسبيا في أميركا الجنوبية، والتي لطالما عرّفت الحصول على المياه على أنه حق من حقوق الإنسان، وهي تمثل أيضا علامة تحذير على ضعف البلدان في مواجهة الجفاف، والذي من المقرر أن يصبح أكثر توترا وشدة مع تسارع تغيّر المناخ. وتعد التاثيرات صارخة داخل الاورغواي، حيث تحوّل خزان كانيلون غراندي الحيوي لتوفير المياه لمليون شخص في العاصمة مونتيفيديو، إلى حقل موحل يستطيع السكان الآن عبوره سيرا على الأقدام.

وشهد خزان آخر (باسو سيفيرينو) الذي عادة ما يزوّد المياه العذبة لستين بالمئة من سكان البلاد، أكبر انخفاض مسجل في مستويات المياه. ومن المحتمل أن تنضب مناسيب المياه بالكامل مع نهاية الصيف، وفقا لتقارير محلية. واضطرت السلطات لاتخاذ إجراءات صارمة لتفادي نقص امدادت المياه الهائل.


ملح في مياه الشرب

يقول «كارلوس سانتوس»، عضو هيئة حماية المياه، إن مياه الإسالة في مونتيفيديو غير صالحة للشرب بشكل أساس، مضيفا: «إنه أمر لا يطاق بسبب الملوحة، وحتى الحيوانات الأليفة تتجنبها».

لأسابيع، كانت شركة المياه العامة تخلط المياه المالحة من مصب نهر ريو دي لا بلاتا مع المياه العذبة من خزان باسو سيفيرينو لزيادة الإمدادات، بعد التقدم بطلب للحصول على إعفاء من القواعد العادية للملوحة في مياه الشرب.

ويقول المسؤولون في أوروغواي إن مياه الاسالة تحتوي أيضا على مستوى عال من الكلوريدات والصوديوم وثلاثي الميثان. وأشارت وزيرة الصحة «كارينا راندو» إلى عدم وجود مخاطر صحية لمعظم الناس، لكنها نصحت مرضى ضغط الدم وأمراض الكلى، وكذلك الحوامل، بتقليل شربهم من تلك المياه، أو حتى تجنّبها تماما. ونبهت الناس لعدم إضافة الملح إلى طعام أطفالهم واستخدام المياه المعبأة لصنع حليب الأطفال. وقال الرئيس مؤخرا إن «إمدادات المياه مضمونة»، لكن مستويات الكلور والصوديوم في المياه «سترتفع بالتأكيد»، ما يعني، وفقا للمعايير الصحية، أنها ستعد غير صالحة للشرب.

وارتفعت مبيعات المياه المعبأة في زجاجات في مونتيفيديو ومحافظة كانيلونيس المجاورة، مسجلة زيادة بنسبة 224 بالمئة خلال شهر آيار الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لتقرير صادر عن شركة أبحاث متخصصة.

أدى هذا الحال بمجموعات البيع بالتجزئة تكافح من أجل تلبية الطلب، وتسبب في إرتفاع كبير في كمية النفايات البلاستيكية. غير إن سانتوس يقول بأن العديد من السكان في مونتيفيديو والمنطقة المحيطة بها لا يستطيعون شراء المياه المعبأة في زجاجات، وقد اضطروا إلى الاستمرار بشرب المياه من الصنابير. وفي محاولة لتخفيف بعض الضغوط المالية، فرضت الحكومة إعفاءات ضريبية للمياه المعبأة كجزء من إجراءات الطوارئ الخاصة بالمياه.


المياه المعبأة

الوضع صعب جدا لسكان واحدة من أغنى دول أميركا الجنوبية والتي لها علاقة خاصة بالمياه. وتقول الأوروغواي إنها كانت أول دولة في العالم تثبت الحصول على المياه كحق أساسي في الدستور المعدل، الذي حظي بتأييد مختلف الأطياف السياسية، بنسبة ستين بالمئة من الناخبين عبر استفتاء عام.

ويتحدث سانتوس عن تظاهرات كبيرة في العاصمة: «هناك شيء أساس يشعر به سكان أوروغواي حقا، وهو الارتباط بالمياه، فغضب الناس لا يتعلق برفض سياسة الحكومة، وإنما المطالبة بحق أساسي».

من جانبها، قالت الحكومة إنها تتخذ خطوات لمعالجة المشكلة. وأعلن الرئيس لاكالي بو مؤخرا عن الشروع ببناء سد ونظام جديد لتوصيل المياه على نهر سان خوسيه، والذي سيوفر مصدرا بديلا عن المياه بمجرد اكتمال البناء في غضون 30 يوما. وطُلب من الناس عدم غسل سياراتهم أو ري حدائقهم، كما يجري تشغيل متواصل للصهاريج لإيصال المياه إلى المؤسسات المهمة، مثل المستشفيات.

وانتقل البحث عن المياه حتى إلى وسط مونتيفيديو، حيث حفر العمال الآبار وسط متنزه باركي باتلي، الذي يعد «رئة المدينة»، للعثور على مصادر بديلة للمياه، وفقا لتقارير محلية. لكن البعض يتهم الحكومة بعدم القيام بما يكفي، كما أشار سانتوس إلى وجود مشكلات طويلة الأمد مع إدارة المياه في البلاد. «الجفاف مشكلة تزيد الوضع سوء، لكن هناك مشكلة تاريخية تتعلق بترشيد استخدام المياه التي أوصلتنا إلى هذا الوضع المحرج»، موضحا ان كل ما تقوم به الحكومة حاليا هو تنفيذ الإجراءات المقترحة سابقا: «كنا بحاجة إلى أن نكون أكثر استعدادا لمناخ لا يمكن التنبؤ به». ونقل عن أحد المزارعين قوله إن وضع هطول المطر «أسوأ» من ذي قبل، وأضاف: «إنها تمطر بشكل أكثر تركيزا، فتارة تسبب حدوث فيضانات، ثم تأتي هناك فترات طويلة من الجفاف.»


وكالة سي ان ان الاخبارية الاميركية