إيطاليا تنوي مغادرة الحزام والطريق الصينيَّة

آراء 2023/08/13
...

هشام داوود

روما تسعى إلى الخروج من مبادرة الحزام والطريق، ولكن دون أن يحدث ذلك ضرراً بعلاقتها مع الصين، وهذا تماماً ما جاء على لسان وزير الدفاع الايطالي، والذي صرح قائلاً: (القضية اليوم هي كيفية الخروج من مبادرة الحزام والطريق دون الإضرار بالعلاقات مع بكين).
اما رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني فقد صرحت في ايار الماضي بأن البلاد يمكن أن تتمتع بعلاقات جيدة مع الصين، حتى دون أن نكون جزءاً من مبادرة البنية التحتية المثيرة للجدل في بكين، وجاءت تصريحات وزير الدفاع لتكون تأكيداً على نية إيطاليا مغادرة البرنامج الصيني.

كان اختيار إيطاليا عام 2019 في الانضمام إلى طريق الحرير عملاً ارتجاليا وغير مدروس، قامت به الحكومة السابقة، ما أدى إلى نتيجة سلبية مزدوجة، أصبحت إيطاليا أول دولة في مجموعة السبع (G7) تنضم إلى برنامج البنية التحتية العالمي الصيني، وسط دهشة الحلفاء في الغرب، ولكن ما هي النتائج؟ إن قرار روما بالدخول في مبادرة بكين لم يحسّن عجزها التجاري مع الصين، بل على العكس زادت الصادرات الصينية إلى إيطاليا بنسبة 51 في المئة من عام 2019 إلى عام 2022، في حين ارتفعت واردات الصين من دولة الاتحاد الأوروبي بنسبة 26 في المئة خلال السنوات نفسها. وفقاً لوزير الدفاع الايطالي: كل صادراتنا إلى الصين بعد قرار الدخول في المبادرة ليست سوى حمولة من البرتقال، في حين تضاعفت الصادرات الصينية إلى إيطاليا ثلاث مرات في ثلاث سنوات”.

بينما الصادرات الإيطالية إلى الصين خارج مبادرة الحزام والطريق (أي التقليدية)، والتي تتمثل بتصدير الأدوية والعقاقير الطبية فقد انتعشت في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام ووصلت إلى 7.8 مليار دولار، وهذا هو السبب الذي دفع بالمسؤولين الايطاليين للتفكير بالانسحاب، والقول بأنه يمكن بناء علاقات تجارية قوية مع الصين، دون الحاجة إلى الالتحاق بمشروعها.
إيطاليا تجد نفسها اليوم في ورطة امام التزاماتها بسبب الديون الصينية التي حصلت عليها نتيجة الدخول للمبادرة الصينية، وأن ثلث ميزانيتها يذهب لسداد الديون والتي تشكل الصينية 50 ٪ منها.
بينما ترى في الوقت ذاته جاراتها من دول غرب أوروبا في حال أفضل منها، وان صادراتهم ارتفعت إلى الصين، خصوصاً فرنسا التي قال وزير ماليتها إن فرنسا تريد وصولا أفضل إلى السوق الصينية وعلاقة تجارية أكثر “توازنا”، وليس “مشروطاً”.
ولعلّها من أوضح الرسائل التي نبهت إيطاليا بأن الحفاظ على التبادلات التجارية مع الصين أفضل مما لو كانت وفقاً لشروط المبادرة الصينية.
هنا يكون تصور الحكومات الغربية صائباً، وأن المبادرة هي محاولة من بكين لتوسيع نفوذها الاقتصادي عالمياً ليس إلا، وأن المستفيدين منها يخاطرون بالوقوع في فخ الديون.