مخاوف

آراء 2023/08/13
...

رعد كريم عزيز

من خلال متابعتي لأحد البرامج التلفزيونية العراقية ظهر أحد المتحدثين في موقف واضح وصريح، تحدث عن طرق التهرب والتهريب في المنافذ الحدودية، وبشكل سلس عن طريق التزوير والوصولات المزيفة، والاتفاقات المبطنة، ووصل إلى نقطة رابعة في تفصيلاته وقال باللهجة الدارجة (هذه النقطة... أخاف على جهالي)، وطبعا يقصد أطفالي، هنا علينا أن نتوقف ونقول للمسؤول ابحث عن النقطة الرابعة فهي التي تحل العقد، وترشدنا إلى معالجة الخلل في جميع الوزارات ومفاصل الحكومة. لأن نقطة الخوف هذه يمكننا أن نجدها في جميع المفاصل والوزارات والهيئات، خاصة اذا تتبعنا ما تصدره هيئة النزاهة من بيانات، وعرفنا أنها لم تستثنِ أحدا، وكأن بياناتها مثل نقطة حبر على ورق، سرعان ما جعلت الورقة زرقاء بلا استثناء.
من هنا على الحكومة أن تسمع وتتابع النقطة الرابعة، التي يتحدث عنها الجميع بالهمس، وفي الكواليس وفي درابين الخوف، لأن العراقيين وصلوا إلى المعرفة التامة بالفساد، من خلال تكراره دون رادع قوي، ولا نحتاج إلا إلى موقف شجاع من خلال تطبيق القانون دون خوف.
وحتى لا يبدو الكلام عموميا مكررا، نسوق أمثلة واقعية، لأن النزاهة أصدرت بيانات تشمل وزارة التجارة ووزارة الصحة والكهرباء والتربية والنفط والصناعة... وكل الوزارات وكل حسب تمويله وقدرته، وبدون استثناء، اذن نحن امام خراب يسهم فيه رجالات لم يتحملوا المسؤولية، وحنثوا بحلفهم على صيانة الدستور وحفظ الأموال العامة.
والمسالة الأهم في كل ذلك أن الحكومة تعمل بكشف الخلل دون معالجته بشفافية ووضوح، كما ضاعت قصة نور زهير في زحام السرقات، وكما ضاعت الحرائق وسط سخام النتائج غير المعلنة.
نحن وبصراحة تامة نحتاج أن نتابع النقطة الرابعة.. ونسأل عن الخلل عند الذين يعيشون في المفاصل الأولية لكل وزارة، لأن العامل البسيط يعرف الكثير من الخبايا في كل دائرة يعمل فيها، اكثر من معرفة المسؤول الذي يزيّن له “جماعته” أن الامور طيبة وتحت السيطرة، هذا اذا افترضنا حسن نية المسؤول وبحثه عن الحقيقة.
فهل نحتاج إلى مسؤول غير متزوج، حتى لا يخاف على “ جهاله”، ويذكر لنا ما هي النقطة الرابعة التي يخشى أن يصرح بها؟
ودعوني في نهاية المطاف أذكر حادثة سمعت عنها مؤخرا، وهي إن أمًا عراقية صابرة فقدت في عام ٢٠١٤ ابنا معالجا للالغام في الجيش العراق، وفي عام ٢٠١٥ وعام ٢٠١٦ وعام ٢٠٢٣، فقدت ثلاثة معالجين للالغام والمتفجرات من المنتسبين للشرطة الاتحادية، تخيلوا قلب هذه الأم، وهي تسمع بأن السرقات وصلت للمقبرة والغش في بيع أراضي المقابر والتحايل على أوجاع الناس، وهي التي أعطت اربعة شهداء من اجل العراق... ابحثوا عن النقطة الرابعة، لعل أحفادنا يمشون على طريق مستقبل نظيف بلا خوف.