جدل بشأن صعوبة المناهج
ريبورتاج
2019/05/03
+A
-A
بغداد / مصطفى صفاء حمدي
شهدت المناهج الدراسية للمرحلة الابتدائية تغييراً ملحوظاً في مفرداتها، وهذا ما سيواجه انعكاساته على تلاميذ الدراسة الابتدائية اثناء خوضهم الامتحانات النهائية.
ويرى العديد من أولياء أمورهم ان هذه الاجراءات لم تكن سليمة وموفقة، مشيرين إلى أن هذه المواد التي هي على درجة عالية من الصعوبة والتعقيد، لا تنسجم مع المستوى العلمي والإدراكي لأبناء لا تتجاوز أعمارهم الـ (10) سنوات، حيث أنها وفي الوقت الذي أريد لها أن تكون خطوة معرفية أولى في طريق العلم والتميّز، أصبحت عقبة كبيرة في ذلك الطريق.
تغيير المناهج
آراء أولياء الأمور كانت بمجملها ضدّ تحديث المناهج الدراسية، بهذا الشكل إذ تقول المواطنة سعاد محسن (ربة بيت) والدة طالبتين: مناهج الدراسة الجديدة تدميرية وليست تعليمية كما اعتدنا عليها، وطالبت: “المناهج بحاجة إلى تغيير جذري لأنها لا تتناسب مع مرحلة الطلاب العمرية، وقدراتهم الذهنية والاستيعابية بهذا العمر، مضيفة ان المناهج القديمة كانت سلسة ومحبّبة للطالب وقد تخرج من خلالها الملايين، فلماذا هذا التعقيد في تحديث المناهج؟.
أما خالد حسن (موظف) فقد وصف المناهج بأنها الأسوأ في تاريخ العملية التربوية، واضاف أن هناك غاية إفشال الدراسة في العراق، من خلال قتل الرغبة لدى التلاميذ في حب الدراسة. مؤكدآ أن أغلب المعلمين يواجهون صعوبة في فهم هذه المناهج، وكذلك صعوبة في إيصال المادة العلمية للطالب.
وأوضح حسن أنه تم تغيير المناهج من دون دراسة مستفيضة، فضلاً عن قيام وزارة التربية بفتح دورات تدريبية للمعلمين على هذه المناهج خلال فترة دوام المعلم في المدرسة، ولمدة ثلاثة أيام، متسائلاً عن جدوى تلك الدورات القصيرة وأثناء أوقات الدراسة في ما يفترض أن يتفرغ المعلم للطلبة وتدريسهم وليس للتدريب على كيفية تدريسهم؟.
في السياق ذاته ذكر علي جواد، والد ثلاثة أطفال أن المواضيع التي تُدّرس الآن في المرحلة الابتدائية قد درسناها سابقاً بشكل أكثر بساطة في المرحلة المتوسطة، موضحا أنه من المفترض ألا يكون هناك منهج للمرحلة الابتدائية، وإنما فقط هناك خطوط عريضة، متسائلاً: “كيف لطالب في المرحلة الأولى دراسة العلوم الحديثة واللغات الأجنبية في آن واحد”؟!.
آراء المختصين
آراء المعلمين لم تكن بعيدة عن آراء أولياء الأمور في ما يخص تحديث المناهج الدراسية والتعقيد الذي شاب العديد من المواد الجديدة.
فاطمة محمد معلمة في إحدى مدارس العاصمة بغداد، ذكرت أن اغلب مناهج المرحلة الابتدائية لا تتناسب والمرحلة العمرية للتلاميذ، وتأتي بنتائج سلبية، كزرع الخوف في نفوس الطلاب، مسترسلة: “بالإضافة إلى تسربهم من المدارس جراء صعوبة ايصال المادة والخشية من العقوبة”. مؤكدة أنها شخصياً تواجه صعوبة بتوصيل المادة العلمية للطلاب، وبخاصة مادتي العلوم والرياضيات، مناشدة وزارة التربية النظر بهذه المناهج وإعادة العمل بالمناهج السابقة.
من جانبه قال أستاذ علم النفس، يوسف الموسوي: إن التغيير الحاصل في المنهج للمرحلة الابتدائية يعد إضافة جديدة في طريقة إعاقة العملية التربوية للطالب، وقد تمت صياغته بعيداً عن المنهجية العلمية، وعلى العقول للأسف، بعيدا عن البيئة العراقية، التي لا تتوافر فيها سبل النجاح، مضيفاً أن هذا الأمر يتطلب توفير دراسات علمية رصينة، تحدد الواقع التربوي وبمشاركة مختصين من جميع المحافظات العراقية، مبينا أن الطفل اليوم وفي ظل التحديات والمؤثرات الخارجية، من الصعوبة مواجهته بمادة علمية تعتمد عليه بشكل تام، وهنا تبرز الاضطرابات السلوكية والقلق والملل من الصف الدراسي والمعلم أيضاً، وكذلك من طول المادة العلمية، عندها يكون التلميذ قد فشل في دراسته.
وأضاف الموسوي أن صعوبة هذه المناهج لا تقتصر على الطالب فقط، وإنما حتى على المعلم وولي الأمر ، مما يجعل الطالب في مزاج عصبي يولد الكره للمادة الدراسية وللمعلم أيضاً. متابعاً أن القواعد المهمة في بناء العملية التربوية تعتمد على ثلاث ركائز، المعلم والتلميذ والصف الدراسي، مؤكداً أننا نحتاج إلى بناء المعلم حسب التطور الحاصل في المناهج، بالإضافة إلى توفير البيئة الملائمة، من حيث المقاعد الدراسية والوسائل المهمة للتلاميذ داخل الصف، وكذلك ضرورة توفير الأنشطة الصفية للتلاميذ، من خلال إضفاء بعض التغييرات على الطريقة التعليمية، وكذلك زرع روح المنافسة بين الطلاب .
وأوضح أستاذ علم النفس أنه من المفترض أن يتطابق المنهج مع دول العالم، ولكن الظروف التي يمر بها البلد وانعدام الخدمات، تحتم علينا الهدوء والبدء بخطوات مدروسة، وليست على مزاجيات البعض، فهذا يسبّب بالتالي خيبة أمل في التواصل مع المادة وفقدان السيطرة من قبل المعلم في إقناع التلميذ بالدراسة.مضيفا ان واجب وزارة التربية هو تشكيل خلية مهمتها دراسة الواقع وتحديد المتطلبات التي من شأنها أن تطوّر من إدراك وفهم الطالب، وأن يتم إعداد المناهج الدراسية وفق دراسة مستفيضة.
“كروب” الأمهات
عدد من الأمهات قمن بإنشاء كروب على مواقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” وتبادل الآراء في كيفية تدريس أبنائهن كتب الدراسة الابتدائية، لكنهن عجزن عن ايجاد حلول وطرق تدريس للعديد من المواضيع التي يبدو أنها تصعب عليهن، إن كان بسبب المستوى الدراسي لبعضهن أو بسبب صعوبة المنهاج المقر لهذه الدراسة.
نور علي، إحدى عضوات “الكروب” وهي خريجة جامعية، لكنها لم تجد فرصة للتعيين، تبيّن أنه تمت إضافتها الى “الكروب” من شقيقتها كي تساعدها وتساعد بقية الأمهات في حل بعض المسائل الرياضية. لكنها وجدت صعوبة في إيصال الحلول وطريقة الحل لصعوبة بعض المسائل في الكتاب. موضحة أن العديد من طروحات الكتاب، سبق وأن درستها في المتوسطة، فكيف تتحول الى الابتدائية وبهذه الصعوبة والتعقيد غير المبرر. أما سجى محمود، والدة طالبة في الصف السادس الابتدائي فقد أبدت تذمّرها من صعوبة المناهج الدراسية وطريقة حل العديد من المسائل الحسابية وبعض الدروس العلمية في كتاب العلوم. مسترسلة: “في السابق حتى أمهاتنا بمستواهن الدراسي الأولي البسيط كن يدرسن بشكل سهل ومنساب”. متسائلة عن سبب هذه الصعوبة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها العائلة العراقية.
وذكرت يسرى نوري إحدى عضوات “الكروب”أنه إذا كانت وزارة التربية تراهن على العقول العراقية، فلماذا تتلكأ في بناء المدارس وتوزيع الكتب والقرطاسية؟، مستطردة: فمثل هكذا عقول، تحتاج لكثير من المستلزمات لأجل مواكبة العصر. مؤكدة ضرورة إعادة النظر ببعض الدروس في الكتب العلمية التي لا تتلاءم وعقلية الطلاب والظروف التي تمر بها عائلاتهم.فيما ركّزت مها كاظم على أهمية وزارة التربية في طرق تدريس حديثة ومبسّطة لإيصال المادة العلمية. مشيرة الى أن أغلب معلمي المدارس لم يدخلوا دورات تتعلق بطرق التعليم وتحديثها، فضلاً عن جهل الكثير منهم بالمناهج الحديثة التي وزّعت على الطلبة، وتقول ابنتي إن معلمة درس العلوم، لم تتمكن من إيصال المادة العلمية في الكتاب لصعوبتها.