السوق الموازية

اقتصادية 2023/08/15
...

محمد شريف أبو ميسم

 يُعدّ البيان الذي صدر عن البنك المركزي في الثالث من آب الحالي، بشأن ارتفاع سعر الصرف، من بين أهمِّ البيانات التي صدرت عن هذا البنك في هذا الخصوص.
فقد أوضح البيان كلَّ الملابسات التي وقفت وراء سوق المضاربات في أسعار الصرف على مدار سنوات، وعرض دوافع السياسة النقدية وأدواتها الرامية إلى تحقيق الاستقرار النقدي، ومن بين أهمِّ ما عرضه البيان هو بطلان ما يطلق عليه بـ”السوق الموازية” وعدم أحقية العاملين في هذه السوق أمام القانون.
فقد اعتادت وسائل الإعلام والكثير من المختصين في الشأن الاقتصادي إطلاق مسمى “السوق الموازية” على السوق السوداء التي يتمّ تداول العملات الأجنبية فيها بوصفها سوقاً تعمل بعيداً عن رقابة الحكومة، إذ يكون السعر فيها أعلى بكثير من السعر الرسمي.
والجديد في هذا الأمر أنَّ المركزي ولأول مرة يؤكد “عدم أحقية أي طرف أو شخص المتاجرة بدولار مصدره البنك المركزي، وأنَّ تداوله والمتاجرة به خارج الجهات المرخصة يعد نشاطاً محذوراً بموجب القانون، بحسب نص قانون المصارف رقم (94) لسنة 2004”.
وهذا الأمر إذا ما تم تطبيقه على أرض الواقع يمكن أن يسهم مساهمة كبيرة في تحقيق الاستقرار النقدي بأسرع وقت ممكن، مع عدم التقليل من أهمية أدوات السياسة النقدية الأخرى التي أشار لها البيان، فالسوق الموازية لابد أن تكون لها مصادرها الخاصة من العملة الأجنبية، كما هو الحال في العديد من الدول، إذ تتم تلبية الطلب على العملة الأجنبية عن طريق صادرات القطاع الخاص والسياحة المحلية وتحويلات المقيمين في الخارج أو غيرها من فعاليات السوق التي تحكمها علاقات سوق قانونية.
فيما يتدخل البنك المركزي في حالات عدم التوازن في سعر الصرف بين السوق الرسمية والسوق الموازية بهدف خلق الاستقرار في أسعار الصرف كما في حالات “التعويم المدار للعملة”، لا أن يكون مصدر العملات الأجنبية المتداولة في الأسواق المحلية من مصدر واحد هو البنك المركزي، وتكون السوق السوداء سوقاً موازية.
وبناء عليه وكما أورد البنك المركزي فإنَّ مثل هذه السوق هي “سوق مضاربة” ومن حقِّ البنك المركزي اتباع الطرق القانونية لمقاضاة المضاربين ومن يروج لهم عبر وسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي طالما أنه مصدرها الوحيد، ومن يثبت خلاف ذلك له حق التداول بالأسعار التي يقررها، لأنَّ إضفاء الشرعية على الممارسات غير القانونية عبر هذه الأدوات الإعلامية ساهم وعلى مدار سنوات في خلط الأوراق وأضر بالاقتصاد الوطني.