لاتغيب البصرة طويلا عن المشهد الاعلامي، وغالبا مانجدها في صدارة هذا المشهد، نتيجة كثرة الأحداث وتسارعها وتداخلها فيما بينها، وإذا استثنينا عددا من الأحداث البصرية ذات البعد الإيجابي، فان اغلب الأحداث، تأتينا بإبعاد سلبية ثلاثية الأبعاد ! لدرجة اننا نتخيل احيانا، ان ثمة أصابع خفية،تتولى تحريك واثارة الأحداث في البصرة وفق توقيتات زمنية ذات مغزى، وتوجيه مساراتها، في مسعى لابقاء هذه المحافظة بؤرة دائمة التوتر، وهي ذات الدور الكبير في السلة الاقتصادية، ففي الصيف الماضي، اشتعلت سماء البصرة بنيران مبانيها المحترقة بفعل أصابع العبث والتخريب، بدعوى المطالبة بالخدمات، وما ان هدأت نيران الصيف الماضي، وفي وقت بدأت البصرة تشهد هدوءا في ظل اهتمام حكومي بواقعها الخدمي، حتى اثيرت قضية اخرى في غاية الخطورة، عبر اندلاع الاشتباكات بين عدد من عشائر البصرة ،وهذه الاشتباكات ليست بالجديدة ، فلطالما شهدت البصرة ومحافظات اخرى صراعا وقتالا من هذا النوع، ولكن، مايجعل الأمر مختلفاً هذه المرة، هو "تطور" أساليب القتال بين الأطراف المتقاتلة، والاختلاف هنا يأتي من خلال استخدام أسلحة "متطورة"، ربما لاتمتلكها حتى القوات الأمنية، اذ حملت لنا الاخبار، ان قتالا شرسا شهدته بعض مناطق البصرة خلال الايام الماضية، استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة كالصواريخ والطائرات المسيرة !! .. والمؤلم ان ضحايا كثر قد سقطوا بين قتيل وجريح،
فضلا عن حالة الترويع التي تعرضت
لها الأسر بنسائها وأطفالها وشيوخها،
ولا يبدو ان حلا جذريا ممكنا في الوقت الراهن، لصعوبة السيطرة على الوضع هناك..
إذن، مالحل ؟ هل يُترك القوم يتصارعون فيما بينهم، حتى يثخن بعضهم الاخر بالجراح ويجبره على رفع الراية البيضاء؟،.. طبعا ان أمراً مثل هذه من شأنه ان يؤثر سلبا على الوضع العراقي برمته، فالثروة النفطية ستكون في خطر، فضلا عن احتمال توقف الحركة التجارية عبر الموانئ البحرية، نعم قد يكون مثل هذه الكلام مغرقا في السوداوية، ولكن استمرار الوضع هكذا، من شأنه ان يوصلنا الى المحذور الذي نخشى الوقوع فيه .
الحل يكمن في عدد من الحلول المكمّلة لبعضها ، في مقدمتها ، تطبيق القانون بصرامة وعدم التهاون مع مثيري الشغب، بصرف النظر عمن يكون هؤلاء، لان الوضع لايحتمل المزيد، فالسلم الأهلي لمحافظة البصرة في خطر، أما الثاني، فهو القيام بحملات مشددة لجمع ومصادرة جميع الأسلحة المنتشرة بين العشائر، وإعلان البصرة منزوعة السلاح، فيما يكمن الحل الثالث، في إلزام شيوخ العشائر في
التعاون مع الجهات الحكومية، وعدم السماح لأي فرد من افراد العشيرة بتهديد الاستقرار والأمن، وان كان الشيخ غير قادر على ضبط إيقاع العشيرة، فليدع الأمر للقوات الأمنية، فهي لديها القدرة والإمكانية على ذلك، وان كانت القوات الموجودة في البصرة، هي الأخرى غير قادرة على الأمر، لأسباب تتعلق بارتباطات عشائرية، فبالإمكان استبدالها بقوات من خارج المحافظة، للقيام بهذه المهمة شديدة الأهمية، يرافق ذلك، ان تقوم المؤسسات الدينية بدورها الإرشادي والتوعوي، من دون ان ننسى الصوت الأقوى للمرجعية الدينية ودعواتها وتحذيراتها المتكررة عبر خطب الجمعة من كربلاء، لابناء العشائر، بضرورة الامتثال لصوت العقل، والكف عن مثل هذه السلوكيات التي، خربت ودمرت، وستخرب وتدمر المجتمع والاقتصاد، وتدفع بالمستثمرين الى الهرب .. البصرة بدأت تتعافى، ولكن هذا التعافي بحاجة الى مكملات أساسية في مقدمتها السلم المجتمعي الخالي من الصواريخ والطائرات المسيرة !!.