نجاح تجربة إكثار الزيتون في كردستان

ريبورتاج 2023/08/16
...

  نافع الناجي

بعد أن كانت التلال المتاخمة لمدينة أربيل جرداء تشكو التصحر، باتت اليوم خضراء تكسوها أشجار الزيتون لترسم خطوطاً طويلة على مد البصر، بعد أن دشنت حكومة إقليم كردستان خطة لدعم المزارعين بتوفير الأرض والمستلزمات الضرورية لهم بهدف إكثار زراعة شجر الزيتون. 

ملايين من أشجار الزيتون تمثل الرصيد الزراعي الراهن لإقليم كردستان العراق، الذي يتجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من زيت الزيتون، وتزايد الطلب على هذا الصنف من الزيت بفوائده الصحية العديدة دفع العديد من أصحاب رؤوس الأموال لإنشاء معامل لإنتاجه بالاعتماد على الناتج المحلي من الزيتون.

إنتاج وفير

حسين حمد كريم، المتحدث باسم وزارة الزراعة والموارد المائية في إقليم كردستان أوضح أن "البيانات الأولية تشير إلى أن العام الماضي شهد إنتاج 4800 طن من الزيتون"، وأضاف "وصلت معظم الكميات المنتجة إلى المعاصر، وبلغ إنتاج زيت الزيتون لهذه الكمية 482 طناً من الإنتاج المحلي". 

وتشير بيانات وزارة الزراعة في إقليم كردستان، إلى أن مثل هكذا مشاريع وأخرى مماثلة أسهمت في وجود نحو أربعة ملايين شجرة زيتون في الإقليم بعد أن كان عددها لا يتجاوز 170 ألف شجرة في العام 2008. 

ولا يزال التوسع في زراعة أشجار الزيتون مستمراً في محافظات الإقليم وكذلك في محافظتي نينوى وكركوك المجاورتين.

زيتون عفرين

وجيء بأغلب أصناف أشجار الزيتون من سوريا، بمساعدة مهندس زراعي تعاون مع وزارة الزراعة في الإقليم، بعد دراسة التربة ومناخ إقليم كردستان العراق، ليجدهما مناسبين لزراعة زيتون بلدة عفرين السورية، ورغم ظروف الحرب هناك إلا أن حكومة الإقليم تمكنت من نقل الشتلات بشكل رسمي. 

يقول المهندس الزراعي السوري سليمان شيخو "عملنا دراسة كاملة على التربة ووجدنا أن الأصناف (العفرينية) تبدو صالحة للزراعة في تربة إقليم كردستان"، وأضاف "أنا شخصياً نقلت بنفسي بالتعاون بين وزارة الزراعة والقطاع الخاص حوالي مليون شتلة من شجر الزيتون". 


دهوك تفتقر للمعاصر

ويجري العمل الآن على توسعة المشروع وإنشاء معصرة حديثة في محافظة دهوك بعد زيادة مزارع الزيتون في الإقليم، تقابلها زيادة في الطلب على زيت الزيتون في كردستان وسائر المحافظات في البلاد. 

المزارع داوود عزيز، يقول "من الصعوبة أن نجلب أطنان ثمار الزيتون من محافظة دهوك إلى أربيل لتحويلها إلى زيت"، ويضيف "نرى أنه من الضروري فتح معاصر حديثة في مدينة دهوك كحال مدينة أربيل بسبب غزارة الإنتاج فيها".


إنتاج محدود

وكان إنتاج زيت الزيتون في العراق محدوداً وتستورد البلاد كميات كبيرة منه من تركيا وتونس وسوريا واسبانيا وإيطاليا وغيرها، إلى ذلك تؤكد وزارة الزراعة في حكومة الإقليم أنها تنوي إنشاء مصنع كبير لاستخلاص زيت الزيتون بدعمٍ من الحكومة الإيطالية التي ستعمل كذلك على رفع كفاءة الفلاحين وتعليمهم كيفية إدارة بساتين الزيتون بطرقٍ علمية. 

ومع بداية كل موسم لجني ثمار الزيتون، تبدأ المصانع بعصر ثمار زيتون المزارعين في أربيل والسليمانية ومدينة حلبجة والمناطق الأخرى المجاورة، في أقل وقت وبأقل تكلفة، ونظراً لجودة المنتوج فقد زاد الإقبال عليه في الأسواق ورفعت المصانع إنتاجها إلى أضعاف الكميات المعتادة. 


مصنع حلبجة

بدأ أحد هذه المصانع أو المعاصر بالعمل في حلبجة منذ خمس سنوات، وتصل قدرة عمل المصنع إلى عصر 120 طناً من الزيتون خلال 24 ساعة ويعد الأكبر من نوعه على مستوى العراق. 

ويوفر المصنع أجود زيت زيتون في الأسواق المحلية، ويقبل المزارعون عليه لإنتاج زيت ذي جودة عالية، لكن هذا العام وبسبب الجفاف انخفضت نسبة محصول الزيتون في مزارع المنطقة، كما يقول صاحب المصنع بيام سيوان، الذي كشف عن قيامه باستيراد الزيتون من خارج العراق بنسبة 60 بالمئة من إنتاج المصنع لتلبية الطلب. 

وللعام الخامس يفرغ المزارعون أكياس ثمار الزيتون في أحواض التجميع بعد غسلها بمكائن خاصة وطحنها في مصنع الزيتون، ليحصل المزارعون في نهاية المطاف على زيت زيتون نقي من أجود الأنواع كثمن جهد وتعب عامهم بأكمله. 


الاستفادة من ثمار الزيتون

ويقول أحد المزارعين القادمين من طاسلوجة "هذه هي السنة الثالثة التي أجلب بها محصول الزيتون من مزرعتي إلى هذا المصنع"، ويضيف "رغم أن محصول الزيتون هذا 

العام كان قليلاً بسبب الجفاف الذي يؤثر في نسبة الزيت فيه أيضاً إلا أن وجود هذا المصنع سهّل لنا العمل وجعلنا نستفيد من ثمار الزيتون". 

مزارع آخر هو الحاج سيروان قادر، قال "تقع مزرعتي في منطقة سرجنار ومنذ 15 عاماً أعمل في مزرعة الزيتون وأقوم بعصر ثماري بهذا المصنع"، وأضاف "أبيع ما يزيد عن حاجتي في الأسواق، والزيت المستخلص ذو جودة عالية، يصل سعره في السوق إلى 16 ألف دينار للتر الواحد وهو غني بالفوائد الصحية". 

تسهم مصانع ومعاصر زيت الزيتون رغم قلة عددها، في توفير أجود أنواع الزيوت في الأسواق المحلية وزيادة المساحات المزروعة بأشجار الزيتون في الإقليم والمناطق المجاورة، وتشجع المزارعين على الاهتمام أكثر بزراعة الزيتون، ومع زيادة الوعي بالأهمية الصحية للزيت يزداد استهلاكه في الأسواق المحلية، ما يجعل من عملية تطوير صناعته حاجة ملحة.