حارث رسمي رحومي
يؤدي يقين الطبقة السياسية وقناعتها -حد الافراط احياناً- بأنها الخيار الأفضل للمجتمعات،إلى النظر نحو الازمات والمشكلات اليومية من زاوية المؤامرة التي تضع العصا في الدواليب. وهذا من شأنه ألا تعتقد هذه الطبقة السياسية بوجود عجز بنيوي كحصيلة لما تقدم، ناهيك أنها تعمل جهدها على أن ترسخ في الذهنية الجمعية أن ما يعيشونه ما هو إلا الحالة الطبيعية/ الثابتة، وهذه الأخيرة كما يصفها مهدي عامل “عبارات تلعب دورها في كبت منطق الحركة التاريخية”، أو حتى باعتبارها مُسلمة من المسلمات التي ليس من المنطقي أن تترك عرضة للنقاش العام. هذا من شأنه أن يدفع بالنظام السياسي نحو الانغلاق أن يضع مزيداً من “الصبات” أمام محاولات اصلاحه، ويدفع هذا الوضع كلما تقدم به الوقتإلى مزيد من عمليات “الاستبعاد” إن صح التعبير، وهي المرحلة الأكثر خطراً وتهديداً لكل الوضع القائم. من هنا تأتي أهمية عمليات الإصلاح السياسي، باعتبار الأخير “تنفيساً” لقدرٍ يغلي على النار. اهم ما يجب توافره للقيام بعملية الإصلاح هي مرونة النظام السياسي نفسه، كم يتوفر على آليات تجعل من القيام بعملية الإصلاح أمراً ممكناً، وبالطرق السلمية قطعاً، هذه المرونة ممكن أن توفرها الدساتير باعتبارها عقداً مجتمعياً، اضافةإلى المؤسسة التشريعية التي يُفترض أن تكون معبّرة عن تطلعات المجتمع. وليس بعيداً عن كل ذلك تبقى الانتخابات وسيلة مهمة لإجراء تحسينات اذا ما توفرت النية السليمة المؤمنة بدور الانتخابات على هذه الصورة، ناهيك عن مرونة الطبقات الحاكمة – احزاباً وزعماء- التي يجب أن تدرك أن العصر الذي نعيشه لم يعد ممكناً فيه أن تحكم الجميعإلى النهاية، وأن تغادر عقلية إن جميع المشاكل من الممكن حلها بطريقة المال –التعيينات وشراء الذمم- خاصة في البلدان التي تعتمد على الريع النفطي كما وضعنا، حيث يوفر الريع هذا وفرة من الممكن استعمالها دون محاسبة أو رقابة. كما يجري
دائماً.