عبدالزهرة محمد الهنداوي
قد يبدو مفهوم الدولة “هلامي الابعاد” بمعناه العام، الا اذا دخلنا في مكونات هذه المفهوم، عند ذاك سنجد لهذا المفهوم، أضلاعا وزوايا واضحة.
اما مكوناته - كما هو معلوم-، فتتمثل بالأرض والشعب والمؤسسات، ولهذا التكوين هيبة لا يمكن تجاوزها، هيبة تحفظ النظام العام للحياة، وتمنع اي تجاوز أو اعتداء على حدودها، ومفهوم الهيبة، هو الاخر ربما يبدو هلاميا، ما لم نسبر غوره، ونعرف زواياه واضلاعه التي يرتكز عليها، وفي الحديث عن الاضلاع التي توحي بوجود شكل هندسي، اقرب للمثلث منهإلى اي شكل اخر، حيث يتحدث المتخصصون في هذا المجال عن وجود ثلاثة أضلاع تمثل هيبة الدولة، وسقوط اي ضلع منها معنى ذلك سقوط أحد أثلاث تلك الهيبة، اما اضلاع الهيبة الثلاثة، فهي ضلع الكرامة، والتي يمثلها رجال الامن بجميع أصنافهم ومسمياتهم، والضلع الثاني، هو الوقار، ويتجسد بموظفي الحكومة بنحو عام، الطبيب والمعلم، والمهندس، والسائق.. الخ (المؤسسات)، ويكتمل مثلث الهيبة بضلعه الثالث المتمثل بشرف الدولة، ويمكن تحديد مسارات هذا الضلع من خلال الخدمات، التي تقدمها الدولة لمواطنيها عبر الضلعين الاول والثاني.
والسؤال المحوري هنا، هو: كيف تتحقق هيبة الدولة؟
عاملان مهمان يحققان ويحفظان تلك الهيبة، داخليا وخارجيا، القوة العاقلة، والقانون الضامن لحقوق الجميع، فجميع الدول الصغيرة منها والكبيرة، تسعى لبناء قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، لكي تكون مُهابة بين البلدان، وعكس ذلك سيكون البلد عرضة لمن هب ودب، اما القانون الضامن، فيعني أن أبناء البلد جميعا، متساوون بالحقوق والواجبات، وهذه المساواة لن تتحق ما لم تكن لدى الدولة قوة تضمن تطبيق القوانين بنحو متساوٍ على الجميع، وأن تتعامل مع الخارجين عن القانون بحزم، لأن أي تساهل من شأنه تحطيم أحد أضلاع هيبتها، وعلى هذا الاساس مضت بلدان العالم، في فرض قوانينها وبناء مجتمع يحترم تلك القوانين ويحرص على الالتزام بها، ولا يخالفها طرفة عين، بل أكثر من ذلك، إن رأى أحدهم شخصا اخر مخالفا، يقوم بالابلاغ عنه، وهكذا سادت القوانين.
اما عندنا، فما زالت بنا حاجة قوية للمزيد من الاجراءات لفرض هيبة الدولة، من خلال صون مؤسساتها، وحماية العاملين فيها، وتحسين مستوى الخدمات. وعندنا، ما زال البعض يعتقد أنه (اكثر هيبة) من هيبة الدولة، وأن بامكانه، تحطيم أي ضلع يشاء من أضلاع تلك الهيبة، وهؤلاء تحديدا ينبغي التعامل معهم بقوة القانون، وتجريدهم من أوهام القوة التي يتكئون
عليها.
تجاوزات كثيرة تحدث يوميا هنا وهناك، على أفراد أو مؤسسات من قبل مَن يتصورون (ن)، أنهم اقوى من القانون!! والمؤلم أن بعضا من هذه التجاوزات يرتكبها مكلفون بحماية هيبة الدولة!.
في ضوء ذلك نحتاجإلى عقد اجتماعي جديد، تُحدد فيه الحقوق والواجبات، وحدود الحريات، للأفراد والجماعات، وأن يكون للمواطن دور في الالتزام، بما له من حقوق وما عليه التزامات، مقابل قيام الدولة (السلطات) بأداء مهامها وفقا لهذا العقد المستندإلى الدستور، على اكمل
وجه..