نقاطُ ضعفِ تحالفات الأحزاب السياسيَّة العراقيَّة

آراء 2023/08/20
...






 سعد الراوي 


في تصريحٍ لمفوضيَّة الانتخابات يوم 12 آب الحالي، تبين أنَّ عددَ التحالفات الكلي 50 تحالفاً، أكبر عددٍ للتحالفات في بغداد 18 تحالفاً ويليها الأنبار 17 تحالفاً، ولكلٍ من البصرة ونينوى وكركوك 16 تحالفاً وآخرها في ميسان وصلاح الدين 10 تحالفات لكلٍ منهما، انضمَّ الى هذه التحالفات 198 حزباً سياسياً من مجموع 296 حزباً مجازاً رسمياً، مع العلم أنَّ 63 حزباً لا يزال قيد التأسيس.

تعريف التحالف أو الائتلاف:

هناك عدة تعاريف، لكنْ نأخذ المختصر المفيد: هو تحالفٌ مؤقتٌ بين حزبين أو أكثر من الأحزاب السياسيَّة لتحقيق أهدافٍ مشتركة في بلدٍ معينٍ وغالبًا ما تكون ذات النظم البرلمانيَّة بسبب تعدد الأحزاب وتعذر الفوز بأغلبيَّة المقاعد دون ائتلافها لتشكيل حكومة.

تمت المصادقة بشكلٍ رسمي على أكثر من (280) حزباً عراقياً في دائرة الأحزاب وفق قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015. وفي كل دورة انتخابيَّة يتمُّ تسجيل العشرات من الإئتلافات فمنها ما يضم حزبين أو ثلاثة وقد يكون عدة أحزاب وهناك إئتلافات تجاوزت العشرات، ولكننا نجد أغلب هذه التحالفات غير مستقرة وقد تتبدد بأي وقتٍ لاحقٍ وهذا ما سنعرج عليه في هذا العنوان.

أهم الأسباب في ضعف التحالفات:

أولاً: إنها تحالفات غير مؤدلجة وافتقار معظمها لمشروعٍ سياسي موحدٍ أو برنامجٍ انتخابي تقنع به الجمهور.

ثانياً: معظمها تتصور بأنَّ تحالفها يزيد من نسبة تمثيلها للجمهور وأنَّ خوضها الانتخابات منفرة قد لا يؤهلها للحصول على مقاعد برلمانيَّة أو محليَّة أو لا تستطيع تشكيل حكومة وطنيَّة أو محليَّة.

ثالثاً: غايتها الفوز بمقاعد، لذا خلافاتها مستمرة سواء في توزيع اللجان أو في تسمية رئيس الائتلاف أو وكيل الإئتلاف في مفوضيَّة الانتخابات أو تسلسل المرشحين داخل القائمة.

رابعاً: افتقارها لنظامٍ داخلي مفصلٍ مفعلٍ يحدد الصلاحيات ويوزع المهام وإنْ وجد فليس له دور، لذا في أي خلافٍ يتصدع الإئتلاف، فغالباً ما يأخذ رئيس الإئتلاف معظم الصلاحيات لا سيما إذا كان صاحب سلطة أو مال، وعند متابعة الإعلام نسمع في كل يوم عن خلافات بين الأحزاب المنضوية في الائتلافات وتستمر هذه الخلافات حتى وإنْ بقوا ضمن التحالف.

خامساً: أغلب التحالفات غير متكافئة؛ وهذا يعني أنَّ هناك أحزاباً كبيرة ولديها تمثيلٌ واسعٌ في السلطة التشريعيَّة والتنفيذيَّة وأخرى داخل الائتلاف لا تملك شيئاً، وهذا ما يحتمُ استمراريَّة الخلافات أو رضوخ الأحزاب الصغيرة للكبيرة.

سادساً: ليس لدى الأحزاب المنضوية في الإئتلاف أي اتفاقٍ بشأن سياسة الإئتلاف الخارجيَّة والداخليَّة، فأي تصريحٍ من قيادي في أي حزبٍ سَيُحْدِثُ شرخاً في التحالف وقد يكون الخلاف بين أعضاء الحزب نفسه. لذا فالخلاف مستمرٌ والتشتت متوقعٌ وفي أي وقت.

سابعاً: لم تأخذ العبرة ممَّن فشل وتشتت في التحالفات للدورات الانتخابيَّة السابقة. أي ليس لديها دراسات بهذا الخصوص ولا تحليل لما آلت إليه الإئتلافات السابقة من تعثرٍ وتشتتٍ، فهم يستمرون إلى الآن في تلك الأخطاء. ممكن أنْ نتحدثَ كثيراً عن أسباب ضعف هذه التحالفات التي نطلق على كثيرٍ منها تحالفات للحصول على مكاسب حزبيَّة أو شخصيَّة، فبعد كشفها للجمهور ستتعرى ويبدأ كلٌ منهم يلوم الآخر سراً وعلناً فيزداد ضعفها وتشرذمها وقد يصبحون أنداداً بعد التحالف أو قد يجتمع الأنداد في انتخابات سابقة لمصلحة حزبيَّة ولكنْ تبقى هذه النقاط محط خلافٍ لدى معظم الأحزاب العراقيَّة التي نراها اليوم في الساحة السياسيَّة.

على الأحزاب التي ترغب بتحالفٍ رصينٍ لأجل الوطن والمواطن ضمن مشروعٍ سياسي طويل الأمد أنْ تتحالفَ مع من يوافق مشروعها أو يتوافق معه على بنود وتفاصيل هذا المشروع ويتحاوروا بينهم للوصول إلى إئتلافٍ رصينٍ ممكن أنْ يحقق أهدافه. رغم كل ما ذكرناه آنفاً لا يمكن أنْ يدبَّ اليأس إلى قلوبنا، ففي العراق من الأخيار من سياسيين وغيرهم ما يمكنهم أنْ يصححوا المسيرة لتحالفاتٍ رصينة بمشروعٍ وبرنامجٍ ونظامٍ داخلي. وإلا فالخلافات في الإئتلافات لن تنتهي في الوقت القريب.


نائب رئيس مجلس مفوضيَّة الانتخابات سابقاً