الصين وفاغنر

آراء 2023/08/21
...

   هشام داود

الصين و"الصداقة بلا حدود" مع روسيا تحت الاختبار في أفريقيا، حيث تتعرض المصالح الاقتصادية الصينية لخطر التصادم مع تواجد مجموعة فاغنر شبه العسكرية.
أقرب نقطة احتكاك محتملة هي النيجر، حيث تشير الانباء الى أن قادة الانقلاب العسكري في 26 تموز تواصلوا مع فاغنر لمساعدتهم في تعزيز قبضتهم على السلطة.ش
هذه الوضع لا ترحب به بكين، حيث وصفت الخارجية الصينية رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم بأنه "صديق الصين".
وتمتد المصالح المتباينة إلى ما هو أبعد من النيجر رغم كونها من بين أكبر منتجي اليورانيوم في العالم، حيث توسع مجموعة فاغنر نطاق وصولها عبر منطقة الساحل وغالبا ما تنوع أجهزتها الأمنية للوصول إلى الرواسب المعدنية الغنية في المنطقة وغيرها من الموارد.
وللصين أيضا استثمارات ضخمة هناك، وينقسم المحللون حول الرؤية الصينية للمرتزقة، فبالرغم من أن فاغنر قد تعزز الأمن مما يسمح للصينيين بالقيام بأعمالهم في البلدان الخطرة ولربما استفادت المشاريع الصينية من وجودهم، لكن في بعض الحالات عانت الصين أيضا من ذلك التواجد وذلك لأن بكين تعتقد بأن فاغنر كانت مسؤولة عن وفاة تسعة عمال مناجم صينيين في جمهورية إفريقيا الوسطى في وقت سابق من هذا العام، وقالت جماعات متمردة في أفريقيا الوسطى والعديد من المسؤولين الغربيين لصحيفة نيويورك تايمز بعد الحادث إنهم يعتقدون أن فاغنر أو السكان المحليين المدعومين من فاغنر كانوا وراء الهجوم المسلح.
لكن فاغنر نشرت على قناتها في تلغرام قائلة إنها أنقذت مجموعة من عمال المناجم الصينيين في أفريقيا الوسطى بناء على طلب من السفارة الصينية.
وأشار أحد المحاضرين في معهد لاو الصيني وكينعز كوليدج في لندن إلى:
(أن الأمن ضروري لمبادرة الحزام والطريق الصينية للبنية التحتية في أفريقيا وقد توفر مشاركة فاغنر نوعاً من الاستقرار الذي تفرضه الوسائل العسكرية وهو حل دقيق ومؤقت في طبيعته للصين، ويمكن أن يتحول إلى تهديد خاصة إذا نشأت نزاعات حول حقوق التعدين، كما يمكن للشركات الصينية العاملة في مجال التعدين أن تبرم صفقات مؤقتة لحماية قوتها العاملة وأصولها، لكن الاتفاقات مع المرتزقة قد تواجه منعطفا مفاجئا وحتى الرئيس فلاديمير بوتين قد تعلم هذا الدرس).
من الصعب التأكد تماما من شعور الصين تجاه فاغنر، فعلى المدى الطويل يكون محتملاً أن تعتبر بكين فاغنر عائقا أمام طموحاتها الخاصة بينما تفضل في الوقت نفسه أن تبقى فاغنر في مكانها في بعض البلدان ذات المخاطر العالية وذلك لمواصلة حماية المصالح الأجنبية بما فيها الصين حتى يمكن تنفيذ نهج بديلة.
في الحقيقة إن قامت الصين بإنشاء نسختها الخاصة من فاغنر فهو امراً طبيعياً وذلك لأنها (أي الصين) تريد أن تظهر أن أنشطتها علنية وتحترم القوانين واللوائح المحلية، والسبب هو ان الصين أكثر حساسية بشأن سمعتها في أفريقيا من روسيا.
أن شركات الأمن الصينية العاملة في إفريقيا تقدم خدمات استشارية وتبيع المعدات وتدرب قوات الأمن المحلية، لكنها ليست عاملة مثل جماعة فاغنر التي تشترك في حالات القتال.
باستثناء حالات قليلة جدا كما في السودان مثلاً عندما شاركوا في إنقاذ الرهائن وأشياء من هذا القبيل.
اخيراً لا يرى المحللون أي مؤشرات على انسحاب مرتزقة فاغنر من إفريقيا  قريباً، على الرغم من ان زعيم فاغنر (يفغيني بريغوزين)، تم نفيه الى بيلا روسيا نتيجة تمرده الذي تحدى فيه القيادة العسكرية الروسية وهز الكرملين، لكنه شوهد في قمة بوتين الروسية الإفريقية في سان بطرسبرج الشهر الماضي، وهو يتشاجر مع المسؤولين الأفارقة، فهل ستعكر هذه الجماعة المرتزقة أجواء التحالف بين الدب
والتنين؟