علاقة سعر الصرف بقوة الاقتصاد

اقتصادية 2023/08/21
...

ياسر المتولي

يعتقد عامة الناس من غير المتخصصين بالاقتصاد والمال بأن معيار قوة اقتصاد بلد ما هو سعر صرف عملته أمام الدولار،  أو أي عملة أو وسيلة أخرى .بينما يجمع أغلب خبراء الاقتصاد في العالم على عدم صحة هذه  النظرية، وغالباً ما نواجه بسؤال؛ هل قيمة العملة تعبر عن قوة اقتصاد ذلك البلد ؟.
ما يعنيني كمتخصص بالشأن الاقتصادي هو تبيان حقيقة قوة الاقتصاد العراقي وأن تذبذب أسعار الصرف لا يعني حقيقة اقتصاد البلد، إذ يجمع خبراء المال والاقتصاد على أن سعر الصرف لأي عملة هو عبارة عن رقم محاسبي جرى الاتفاق عليه بين البنوك المركزية العالمية ولا يعبر عن قوة اقتصاد البلد.
ولتحليل وقائع هذه النظرية لنأخذ مقارنة بين العملة السعودية والعملة الأردنية لنتحقق
من صحة النظرية من خطئها   .
فبشأن الريال السعودي على سبيل المثال، يساوي (الدولار الواحد 3.75 ريال  )الـ 100 دولار تساوي 375 ريالا)، أما  العملة الأردنية (الدولار يساوي 70 قرشا، فكل 100 دولار تساوي 70 دينارا أردنيا .
السؤال هو؛ هل يعني هذا أن الاقتصاد الأردني أقوى من الاقتصاد السعودي؟ بالطبع لا، لأن حجم الناتج المحلي الإجمالي للأردن  50مليار دولار، بينما يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي السعودي قرابة ترليون دولار .
من ذلك نستنتج أن سعر الصرف لا يعبر عن قوة ومتانة الاقتصاد .وعليه فإن أسعار الصرف الثابتة هي قرار حكومي إداري بحت لا صلة له بمتانة الاقتصاد .
ولو تتبعنا تجارب دولية في معالجات حجم  عملاتها فإن الأرجنتين وتركيا وإيطاليا قد عملت على حذف ستة أصفار من عملاتها، وهي معالجة لتنظيم تداول العملة وتقليل أحجامها في التعامل وهذا ما يثبت أن سعر الصرف هو رقم محاسبي ليس أكثر وبقرار حكومي .
هناك اتجاهات في بعض البلدان تعمل على تحرير قيمة عملاتها بتعويمها لأن سعر صرف الدولار معوم ومحرر، وهنا تبقى تقديرات الحكومات بمثل هذا القرار .ويعزو خبراء المال والاقتصاد سبب التعويم لعدم إمكانية تثبيت سعر الصرف إلى ما لا نهاية، وذلك متعلق بمدى الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
وأقرب مثال على ذلك العملة اللبنانية التي استمر سعر الصرف فيها ثابتاً لعشرات السنين، كل 100 دولار تساوي  1500ليرة، ولكن سرعان ما تعرضت إلى الفوضى وعدم الاستقرار حتى انهار سعر الصرف للأسف
وهو ما يحصل الآن لها .
الخلاصة أن الاقتصاد العراقي قوي ومتين، لكن تذبذب سعر الصرف سببه عدم الاستقرار  السياسي
والاقتصادي في البلد.