العولمة والهويات الثقافيَّة

آراء 2023/08/22
...








 د.عبد الواحد مشعل


يرى كثير من الباحثين أن دراسة أهداف وأيديولوجية العولمة، وفهم ماهيتها واختلافها عن العالمية، التي تمثل تداخلا حضاريا وتثاقفا، 

لابد منها خلال التاريخ يختلف عن العولمة، التي لا تقبل الحوار وتريد الهيمنة على 

ثقافات المجتمعات الانسانية، وطمس هويتها الوطنية لصالحها، لذا فان جوهر الموضوع يكمن في الصراع بين ما تريده العولمة وما تحاول الثبات علية الهويات الثقافية المحلية من خصوصيات مع ايمانها بالتثاقف مع الحضارات الانسانية، وسعيها على 

توظيف القدرات المتوفرة لديها والعمل على تطويرها، وبناء المعرفة النظرية وتطبيقاتها التكنولوجية بما يتوافق مع التراث الثقافي المحلي، وتبرز أهمية الموضوع ضمن ما تهتم به الدراسات الانثروبولوجية المعاصرة بدراسة العولمة الثقافية، التي تتجاوز البناءات الاقتصادية المحلية والاعتماد قولبيا على ما وفد اليها من نظم جاهزة، وما تم نقله من مظاهر استهلاكية وماركات غربية في مجالات مختلفة، وما يتم ترسيخه من مظاهر 

سلوكية، كنشر أنماط وأشكال مختلفة مثل الأكلات السريعة المنتشرة في المحيط العالمي، بصفتها تمثل جزءا من مفاهيم ثقافية جديدة، تعمل على تقويض المفاهيم المحلية السائدة في هذا المجال، وعلى نطاق الواقع الاجتماعي العراقي ظهور الهويات الثقافية العراقية في إطار التوظيفي السياسي الذي ابعد المجتمع عن الكلية الانتمائية الثقافية بشكل أو بآخر، ما جعل ثقافة العولمة تؤثر في البنائات الاجتماعية الثقافية الوطنية، كانساق ثقافية ذات خصوصية ثقافية لها احترامها من لدن الانسان العراقي، فالثقافات الفرعية مقدرة، وعندما تتحول إلى التوظيف السياسي تنعكس بشكل عام على الهوية الثقافية العراقية، التي عرفها العراقيون منذ تاريخ الحضارات العراقية القديمة حتى 

اليوم، لذا فإن فهم العلاقة بين العولمة والهويات الثقافات الوطنية ينبغي ان تكون حاضرة في ذهنية الانسان العراقي، وإدارك ماهية العولمة التي تدعو تعميم ثقافة واحدة، وفي الوقت نفسه تذكي ما تسميه حقوق 

الثقافات الفرعية وما ينجم عنها من صراعات داخلية مريرة ما يجعل البناء الاجتماعي العراق يتعرض إلى الانقسام الثقافي، وما يتركه من مخاطر إرباك في بناء الدولة المدنية، التي 

يتساوى فيها الجميع تحت سلطة القانون مجسدة الثقافة الوطنية، لذا فالمطلوب من المؤسسات الاكاديمية والمختصين فيها، لا سيما في مجالي الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع، تحليل البناءات الثقافية وفهم خصائصها المختلفة، ومدى التقائها مع تطلع وطموح الانسان العراقي في المرحلة الحالية، ومدى تاثيره بتيارات العولمة ونقده لها بما يتلاءم مع ما يمكن الإفادة منه في تنمية المجتمع وتطوره، حتى يمكنه 

السير في طريق التنوع الثقافي الذي يجسد عوامل الابداع الاجتماعي والثقافي والعلمي والفني، وهو يعبر بالمجمتع إلى مرحلة بناء تنمية بشرية رصينة قائمة على الانجاز والمشاركة المجتمعية الواعية، وهي تستثمر ثروات البلد بشكل ينقل الإنسان العراقي إلى مرحلة متقدمة من التطور الحضاري، وهو يبلور نظام اجتماعي قائم على الحقوق والواجبات، ومنفتح على الثقافة الانسانية يستفاد منها ويفيدها.