يونس جلوب العراف
في ظل الانتشار الكبير للانترنت وما يحتويه من مواقع مختلفة، ومع تغييب الحد الأدنى من الوعي والتفكير في ما يمكن أن يحدث، لن تبقى طريقة “غسل الدماغ” عبر وسائل التواصل الاجتماعي ذات تأثير محدود، بل سيتّسع إلى ما لا يمكن تخيله، وصولاً إلى ترسيخ الانقسام بين مفاهيم ماضية ومفاهيم آتية، على وفق مع ما يحمله من تغييراتٍ بنيويةٍ في طرق التفكير واللغة والمنطق، وهذه بحدّ ذاتها ثقافة ستجعل من أحدث جيلٍ من البشر أقدم من أعتق جيلٍ بشري عرفه العالم في غضون بضع سنوات، إن لم يكن في أقل من ذلك، وهذا ما ينذر بخطر داهم على عقول الكثيرين من الشباب، الذين اصبحوا أسرى للانترنت ومواقع التواصل
الاجتماعي.
على وفق ما تقدم يعتمد ما تبقى من البعثيين الرابضين خلف شاشات الحاسبات والهواتف في محاولة إيجاد موطئ قدم لهم في الشارع العراقي، وذلك من خلال بث فديوهات تصور عهد الطاغية المقبور على أنه الزمن الجميل، وأن الماضي هو أفضل من الحاضر وأن البعث سيعود في المستقبل القريب، حاملا معه الأمن والأمان، الذي يحلم به العراقيون، والملاحظ هنا هو استهداف جيل الشباب، الذي لم يذق ويلات حروب الطاغية المقبور العبثية.
إن لم يتم الانتباه إلى هذه المحاولات البعثية في وقت مبكر، والعمل على وأدها قبل استفحالها سنعجز عن التفاهم مع الجيل الحالي والآتي، ولن ننجح حتى في التلاقي الفكري معه، بل سيكون ذلك تصادماً فكريا، والخشية أن يصبح التعايش بين العالمين على أرضٍ واحدة، كالتعايش بين إنسان من القرون الغابرة، وإنسان القرن الـ21 في غرفة ضيقة، فالجيل الحالي سريع التأثر بما يسمع ويرى على وسائل التواصل
الاجتماعي.
المشكلة الكبرى أن تطوّر الحياة وتطور وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها اللامتناهية على استقطاب ملايين البشر بكبسة زر ليسا مرتبطين بشيء جامد، أي حين تقف برهة عن التحرّك والتفكير بما آلت إليه الحياة، خصوصاً في عيون الأجيال الجديدة، ستجد أن المقابل سيتقدم عليك بخطوات كبيرة وكثيرة ومؤثرة في جميع المستويات، ومن هنا يجب التحرك بسرعة لإنقاذ الشباب من الوقوع في مستنقع الارتباط بحزب البعث المحظور، الذي لن يصرح بوجوده علنا، بل سيحاول استغلال جهل الجيل الحالي بجرائم حكم البعثيين المستند إلى الجماجم
والدم.
الكل يعرف أن المنصّات الإلكترونية مستمرة بالحركة التي أصبحت صنواً للزمن.
تتحرّك معه وفق سرعة أكبر، وان لم تتحرك القوى المناهضة للبعث بسرعة فإن البعث سيعود من خلال القوة الناعمة عبر الترويج لـ”الزمن الجميل “وليس بقوة السلاح التي فشلت طوال العقدين
الماضيين.