إرين بلاكمور
ترجمة: شيماء ميران
انتهت الهدنة بين الغرب والاتحاد السوفييتي التي استمرت 45 عاما بانهيار الاتحاد السوفييتي، ويتوقع البعض ان تبدأ واحدة اخرى غيرها بسبب ازدياد التوتر مع روسيا.
فكانت كل من الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفييتي وحلفائهما عالقين في صراع طويل الامد للفترة ما بين 1946-1991 عرف بالحرب الباردة، ورغم ان الفريقين تقنيا كانا في فترة سلام، إلا ان هذه الفترة وصفت بالسباق المحموم للتسلح والحروب بالوكالة ودعوات ايديولوجية للهيمنة على العالم.
اصول الحرب الباردة
لقد وُجد مصطلح الحرب الباردة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عندما كان يستعمل لوصف العلاقات المشحونة بشكل متزايد بين الدول الاوروبية، وفي عام 1945 بعد فترة قصيرة من قصف الولايات المتحدة الاميركية لهيروشيما وناغازاكي بالقنبلة الذرية، استخدم الصحافي والروائي البريطاني جورج اورويل هذا المصطلح في مقال له لتفسير ما تعنيه القنبلة الذرية بالنسبة للعلاقات الدولية، كانت القنبلة نوعا من التهديد الذي من المحتمل ان يستخدم لانهاء الحروب واسعة النطاق، وكتب اورويل “خلق دولة كانت ذات يوم لا تقهر وفي حالة حرب باردة دائمة مع دول جوارها”.
وتحقق توقع اورويل خلال اشهر بان “السلام هو عدم وجود سلام”، وبغية الاحتفاظ بالقوة في اعقاب الحرب العالمية الثانية كانت كل من الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفييتي تنظران لبعضهما البعض بشك فعملتا بسرعة لإيجاد الحلفاء وتوحيدهم، وحصل مصطلح الحرب الباردة لاحقا على الشعبية لان الصحافي الاميركي المشهور والتر ليبمان استكشف فحوى هذا المصطلح بعد ان تسارع العالم للانحياز الى جانب دون اخر في الحرب الايديولوجية بين الرأسمالية والشيوعية.
وتزايدت اهمية الايديولوجية والقوة العسكرية ايضا لكلا البلدين بعد عام 1947، عندما طالب الرئيس الاميركي حينها هاري ترومان من الكونغرس الاموال لدعم الاقتصاد التركي واليوناني في محاولة لكبح النفوذ السوفييتي، معتقد ترومان كما كان يسمى هو اول الهام في سياسة الاحتواء على مدى عقود طويلة من الزمن، والتي دعمتها الولايات المتحدة الاميركية وتدخلت فيها بالدول غير الشيوعية.
سباق التسلح
ايديولوجية الستار الحديدي (وهي سياسة العزلة التي انتهجها الاتحاد السوفييتي) عزلت الاتحاد السوفييتي والدول التابعة له عن بقية اوروبا، وانهمك كل من اميركا والاتحاد السوفييتي على التسابق في التسليح وانفاق عشرات المليارات في تكديس الترسانات النووية والتسابق من اجل استكشاف الفضاء، وبحلول عام 1962 وجّه كل من البلدين دفاعته الصاروخية تجاه الاخر، وقرّبت ازمة الصواريخ الكوبية في ذلك العام كلا البلدين من الصراع الفعلي اكثر من اي حدث اخر خلال فترة الحرب الباردة.
وتوقفت حروب الوكالة المتعددة بسبب الصراع الفعلي بين الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفييتي، واعتبرت كل من الحرب الكورية والحرب الفيتنامية وعدد من الصراعات المسلحة الاخرى هي حروبا باردة بالوكالة، التي من خلالها يقوم كلا الجانبين اما بتمويل احد الاطراف في الحرب او القتال المباشر ضد القوة الشيوعية او الرأسمالية، وقام كلا الطرفين ايضا بتمويل الثورات وموجات التمرد او العصيان والاغتيالات السياسة في وسط اميركا وافريقيا واسيا والشرق الاوسط.
وعلى الرغم من انتهاء الحرب الباردة بحلّ الكتلة السوفييتية في ثمانينيات القرن الماضي وسقوط الاتحاد السوفييتي في العقد التالي، الا ان تاثيرها لا يزال مستمرا في السياسة الطبيعية الحديثة، واحتفظت الولايات المتحدة الاميركية؛ وهي القوة العظمى الاخيرة المتبقية، بتحالفات واسعة النطاق، واستثمارات اسلحة مرتفعة وقواعد عسكرية دولية، ولا يزال حلف الناتو بين اميركا ودول غرب اوروبا الذي توسط في بداية الحرب الباردة يمتلك قوة سياسية، وقد يشار الى تزايد التوتر اليوم بين روسيا والغرب كأنه حرب باردة ثانية.
عن ناشيونال جيوغرافيك