حسين علي الحمداني
التجارب الكثيرة التي عاشتها البشرية في حقب تأريخية عديدة، شخصت الكثير من الظواهر الخطيرة على الأفراد والمجتمعات، في ظل أنظمة سياسية قمعية تحاول قمع الآخرين بشتى الطرق القانونية منها وغير القانونية.
ومن أخطر هذه الظواهر الاختفاء القسري، الذي حددت الأمم المتحدة 30 آب اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وقد أصبحت ظاهرة عالمية لم تعد مقتصرة على الأنظمة العسكرية والدكتاتورية، بل تعدت ذلك حتى للأنظمة ذات الطبيعة الديمقراطية، خاصة أن تقارير الأمم المتحدة تحدد أكثر من 85 دولة في العالم توجد فيها حالات إختفاء قسري لأشخاص، وأغلب هذه الحالات تدرج تحت بند اختلاف الآراء أو المطالبة بحقوق أو تشخيص حالات سلبية تمارسها السلطة.
وأحيانا كثيرة يستخدم هذا الإسلوب في الضغط السياسي على الخصوم الآخرين بغية تحقيق أهداف معينة.
والاختفاء القسري يتمثل بالقبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم، رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر، ورفض الكشف عن مصير الأشخاص المغيبين أو عن أماكن وجودهم، وعادة ما يحصل هذا من قبل أجهزة أمنية خاصة تابعة للدولة، أو من خلال مجاميع منظمة تعمل أما لمصلحتها أو لمصالح جهات أخرى لغايات سياسية أو اقتصادية أو للإبتزاز.
هذه الظاهرة لم تختفِ من البلد، وهنالك المئات وربما أكثر من الذين تم إخفاؤهم قسرا في السنوات الأخيرة، وأغلب هؤلاء من الناشطين في المجتمع المدني والصحفيين والرافضين للكثير من الحالات السلبية، وما زال مصيرهم مجهولا لأسرهم وذويهم وللجهات الرسمية الحكومية التي عليها أن تبذل المزيد من الجهود، من أجل القضاء على هذه الظاهرة الخطرة، التي تهدد المجتمع بأسره، خاصة أن الجميع يشعر بإنه مستهدف في غياب الردع لمن يمارس هذه الظاهرة، التي أقل ما توصف بأنها انتهاك لحقوق الإنسان من جانب، ومن جانب آخر أن اختفاء شخص ما يعني تدمير أسرة كاملة، وأحيانا يتعدى ذلك أسرته إلى أسر أخرى من الأقارب.
لهذا فإن الدولة ممثلة بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، مسؤولة بشكل مباشر عن حماية المجتمع من هذه الظاهرة الخطيرة.