سرور العلي
لم ينس الشاب كريم هاشم تلك الأيام، حينما كان بسن 16 عاماً، وحبه الأول لبنت تسكن في زقاقهم، ويتذكر ذلك مبتسما {برغم من أنه حب بريء، وفي فترة المراهقة، إلا أنه فيض من المشاعر، حيث كنت أنتظر رؤيتها بفارغ الصبر عندما تخرج من مدرستها الثانوية، وألحق بها للتحدث معها، وأحرص على الاهتمام بمظهري للقاء بها، ولكن بمرور السنوات أدركت أن ذلك الحب هو تجارب أولى للنضج، وفهم الحياة كمرحلة لا بد منها}.
ولفت إلى أن حب المراهقة يبقى في الذاكرة، فنبتسم كلما تذكرناه، ثم ننشغل بأهدافنا وحياتنا، وسنفكر أكثر بعقلانية، لكن أحياناً يعود ذلك الحب، حالما نلتقي مجدداً بالشخص نفسه، وتتهيأ الظروف المناسبة لذلك.
ترى الطالبة الجامعية سالي خضر أن علاقات الحب في سن المراهقة، ما هي إلا احتياج للعاطفة، ورغبة بمعرفة الجنس الآخر، وللحصول على الاهتمام منه وحب الفضول، والانبهار به والانجذاب له، من دون التفكير بالمسؤولية، إذ إن بعض المراهقين يرغبون أحياناً بالزواج المبكر، برغم من كونهم غير مؤهلين لذلك.
مضيفة "معظم المراهقين يعانون من الحرمان العاطفي، وانشغال أغلب الوالدين بعيداً عنهم، لذلك على أسرهم التقرب منهم، لمعرفة ما يمرون به من مشاعر وأحاسيس متناقضة، لا سيما في هذا السن، تحصل لهم تغيرات بايولوجية تؤثر في سلوكهم ومستقبلهم، لذا من الضروري إغداقهم بالحب والاحتواء، للحد من الاضطرابات النفسية، التي من الممكن أن يتعرضوا، كالإصابة بالاكتئاب الحاد، أو التفكير بالانتحار".
وتتضامن نور عصام مع الحب في سن المراهقة، كونها عاشت قصة حبها الأول من هذا النوع، منذ أن كانت في سن الخامسة عشرة مع ابن خالتها، ليتوج هذا الحب بعد مرور سنوات بالزواج، ولديها اليوم طفلان، وتقول عن ذلك بحماس:"تجاوزنا العديد من العقبات، والظروف القاهرة في سبيل البقاء معاً، وأنا فخورة بزوجي، لأنه مخلص ويحرص على أسعادي
دائماً".
د.محمد المهدي، استشاري في الطب النفسي أوضح أن في فترة المراهقة يكون هناك نشاط هرموني، تزداد معدلاته في الدم، وتتغير الكيمياء في الجسم والمخ، ومنها هرمونات الحب والسعادة، وهي مشاعر غير إرادية، حتى يكمل النمو الجسدي، والنفسي، والعاطفي، والروحي، والاجتماعي للفرد، والاقتراب من النضج، وتلك الهرمونات تجعله في حالة لهفة للجنس الآخر، وحب المراهقة أمر طبيعي، وله وظيفة لبقاء الحياة والاستمرارية، وهذه المشاعر والرغبات في المقابل لها ضوابط وأحياناً تكون صعبة، لأنها تنمو بسرعة مع عدم نضج العقل، ما يسبب بقلق الأسرة على الابن والابنة، لخوفهم من أن يتعرضوا إلى الاستغلال أو الوقوع في الخطأ، وعدم التوازن بين العقل والقلب، لذلك من الضروري أن يبتعد الأهل عن الغضب والعناد مع أبنائهم المراهقين، والتقرب منهم والاستماع لهم.
ثائر الناصر، أخصائي نفسي وتربوي بيّن أن المراهق في هذه المرحلة تبدأ لديه عدة تساؤلات ذاتية ومنها، هل أنا مقبول لدى الجنس الآخر، لذا أول دافع لديه هو البحث عن القبول، والدافع الثاني هو تقليد ما يشاهده في التلفاز والأعمال السينمائية ووسائل التواصل من علاقات، فينطلق للبحث عن
شريك عاطفي.
ومن الضروري أن يدرك الأهل المشاعر التي يمر بها أبناؤهم، كونها اختبارا وكشفا عن الذات، وإيجاد اجابات لتساؤلاتهم، والتعامل السلبي من قبل الأسرة، يدفع المراهق للانغماس بالمزيد من العلاقات، وبالتالي تكون لديه تجارب وخبرة سيئة عن علاقات الحب، لذلك ينبغي ألا نقلل من مشاعر المراهقين، وبدلاً من ذلك إعطاؤهم جرعة من الوعي، وتشجيعهم ودعمهم باستمرار، واشراكهم في الفعاليات الهادفة، والانشطة الرياضية، والتنزه معهم.