الطفولة في معرض محاسن الإمارة بكربلاء

ولد وبنت 2023/08/28
...

  علي لفتة سعيد

تعود الفنانة محاسن الإمارة الى طفولتها لترسم أحلاما قديمة متجددة. أحلام تنوعت ألوانها مثلما تنوعت أهدافها ومراميها وحتى خرائطها. ولأنها مهمومة بقضايا المرأة، فإنها كانت تجعل كل شيء في اللوحات في خدمة هذه القضايا، حتى لو كان على شكل لون أو رمز أو امرأة تحمل آنية الماء في الريف، أو أنها تتبوأ المكان الذي ترى فيه المدينة من عليائها.

الإمارة في معرضها الرابع الذي أقيم في كربلاء مؤخرا ضم 25 لوحةً فنيةً حمل عنوانًا أردته أن يعود بها الى الطفولة فأسمته (أراسي) الشباك الخشبي، الذي كانت تطل منه من المكان الضيق حيث الغرقة المهد الأوّل مثلما هي الضيق الاوّل الذي تريد الانعتاق منه.. إلى العالم. 

الشباك القديم الذي يكون مكانه وسط البيت بين الغرفة والحوش، الشباك بزجاجه الملون، حيث كانت ترفعه الى الأعلى لتوسع من المشهد الذي أمامها فتحوّل الحلم الى لوحةٍ فنية.

في لوحاتها نجد تلك الخطوط المعبّرة ما بين الشكل والمجسم.. الشكل الذي يحوي المرأة، حيث تتواجد كعنصرٍ فعالٍ ينطق بالحلم مثلما يحاول استدعاء القضية المحورية الى مركزية اللون عبر ألوان يغلب عليها اللّون الأزرق وحتى اللون الأصفر الذهبي، ربما هي البيئة والمكان والولادة التي جعلها تتخذ منن اللوحة مكانا لإبراز طاقة الحلم الكبرى وإن كانت عبر (اراسي) الشباك 

البيتي.

 الإمارة فنانة لا تكثف الخطوط من أجل البهرجة، بل تجعل خطوطها طبيعية، لذا فهي لا تترك فراغا في مسطح اللوحة.. تضع فيه كل ما يمكن ان ينطلق إلى مفهوم اللوحة وعنوانها.. فهي إن رسمت عودًا فإن العود يأخذ اللوحة كلها لكنها تعبّر عنه بخطوطها البسيطة بلونيها الأزرق والأصفر.. حلم النغم الذي ينازع الطفولة.. وإذا ما أرادت أن ترسم وطنا فنها تملأ اللوحة بما يمكن أن تعده المكان الأوسع لمفهوم الحرية، بدءا من نصب الحرية الى النوافذ الإسلامية الى القباب الزرق الى المدرسة..  فتلتحم المعاني في العنوان ويتسع العنوان ليشمل اللوحة كلّها.. وهي بذات الخطوط حين ترسم وجوه المرأة أو حركتها.. المرأة التي تنطلق من الريف (نقل الماء) الى الميدان الأرحب حيث المدينة. وإذا ما انتقلت خطوطها الى الشباك فإنها تجعله ملوّنًا كما هو في الذاكرة، حتى لا تكاد لوحة من لوحاتها مهما اختلفت العناوين والأفكار إلّا وكان الشباك المقوّس موجودًا كفاعلية مركزية. إنها أعمالٌ متنوّعةٌ لكنها تتجّه نحو هدفٍ واحدٍ، البيئة والطفولة والمرأة ويجمعهم الحلم.. فنرى اللوحات التراثية والشناشيل البغدادية ولوحات سومرية، تحتوي على رموز مسمارية اضافة إلى لوحات تجريدية وأيضا عمل 

الكولاج. 

معرضها الرابع شهد حضورا واسعا من المتلقين استخدمت فيها الألوان الزيتية على كانفاس، وهذا ما تريد التأكيد عليه انها تنتمي بلوحاتها الى المدرسة الرمزية التعبيرية والمدرسة التجريدية. 

وهي تؤكد الاستمرارية بذات المعاني والخطوط، وحتى المدارس في هذا المعرض الذي هو امتداد لمعارضها الثلاثة الأخرى، فضلا عن مشاركات مع كبار الفنانين ببغداد وأربيل وكربلاء.