سعد العبيدي
خطّط عبد السلام محمد عارف للانقلاب على البعثيين، اتفق مع وحدات عسكرية نفذت الأوامر المبلغة بها يوم (١٨) تشرين الثاني ١٩٦٣، سيطرت على اهدافها، وصل عبد السلام الى أبو غريب حيث المرسلات الرئيسة، أذاع بصوته البيان رقم واحد، ومن بعد أعلِنَ صورياً انتخابه أي “تنصيبه”، رئيسا للجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة. أيدته غالبية القادة العسكريين الكبار، دعمته قيادتي الفرقة الخامسة بقيادة شقيقه اللواء عبد الرحمن، والاولى بقيادة العميد الركن عبد الكريم فرحان، والقوة الجوية بقيادة العميد الطيار الركن حردان عبد الغفار، والانضباط العسكري بإمرة العقيد سعيد صليبي الجميلي.
ان هذا الانقلاب العسكري في واقع الحال، وبالإضافة الى كونه انقلاباً سياسياً، كان انقلاباً على الوجود البعثي الممنهج في القوات المسلحة، الذي اتّبَعهُ الحزب، خلال الاشهر التسعة للحكم، واول ما قام به الانقلابيون بعد نجاحهم هو احالة كبار القادة البعثيين الذين لم ينضموا الى صفوفهم على التقاعد، وقليل من الضباط الاعوان، الا من يرد اسمه نشطاً في صفوف الحزب، وتحركت الاستخبارات العسكرية والامن العامة في تعقب الانشطة الحزبية في القوات المسلحة، وابتدعت السلطة الجديدة موضوع البراءة من الحزب للتخلص من تبعات الانتماء، والحصول على فرص البقاء في الجيش، حتى نشرت الصحف المحلية براءة موقعة لأحمد حسن البكر، نبذ بها فكر البعث، وبيّنَ رغبته بالتفرغ الى الحياة العائلية.
ان الرئيس الجديد “المُنَصّب انقلابياً” المعروف بوقوفه الجاد ضد الحزبية في الجيش، حاول الاستفادة لصالحه من الضباط الناصريين، ووزع بعض المناصب على كبارهم مثل “العميد الركن محمد مجيد مدير التخطيط والعميد الركن عبد الكريم فرحان وزير الارشاد ول.ط.ر عارف عبد الرزاق قائداً للقوة الجوية والعقيد الركن هادي خماس مدير الاستخبارات العسكرية، والمقدم الركن صبحي عبد الحميد وزير الخارجية. كما إنه أي المشير عبد السلام، ومنذ الأيام الأولى لتسنمه إدارة الدولة وقواتها المسلحة، اصدر اوامر شديدة بمنع الحزبية في الجيش وتابعها مباشرة، لكنه من جانب آخر ادخل القوات المسلحة في مأزق العسكرية العشائرية المنحازة، التي لا تقل الاثار السلبية البعيدة لها عن دخول أتون الحزبية المنحازة، إذ أسند وبقصد الولاء لحكمه غالبية المناصب القيادية العليا الى ضباط من الأنبار ومن عشيرته في معظم الأحيان، حتى أصبحت التشكيلة القيادية للجيش تتبع هذا المنحى، الذي اسس عليه شقيقه عبد الرحمن وسار على نهجه، ولم يستغنِ عنه البكر طوال فترة رئاسته، ومزجه صدام بالعشائرية السياسية، لينتج توليفة قيادية عسكرية سياسية عشائرية، كان لها الاثر الكبير في انتاج أخطاء طوال حكم البعث، أسهمت بشكل كبير في تدمير بنية الجيش وعموم القوات المسلحة.