400 مليون يشاركون في انتخابات البرلمان الأوروبي

الثانية والثالثة 2019/05/05
...

برلين / محمد محبوب
 

يتوجه نحو 400 مليون ناخب في دول الاتحاد الأوربي للمشاركة في إنتخابات البرلمان الأوروبي خلال الأيام من 23 الى 26 آيار الجاري لانتخاب 751 عضواً يمثلون 28 دولة (بضمنهم بريطانيا)، التي لم يتأكد مشاركة البريطانيين من عدمها، وقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة 42,6 بالمئة ، ويأمل الأوروبيون أن يلعب البرلمان الأوروبي في المستقبل دوراً أكثر أهمية. 

ومع كل انتخابات اوروبية تتجدد المخاوف من فوز او صعود احزاب اليمين المتطرف، فقد كشف استطلاع جديد للرأي عن نية 10,3 بالمئة من الأوروبيين للتصويت لصالح أحزاب يمينية متطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، كما جاء في الاستطلاع الذي نشرته مؤسسة "بيرتلسمان" الألمانية، وبدأت الأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية في نشر حملاتها الانتخابية في مختلف أوروبا، وتهدف هذه الحملات إلى حشد أكبر عدد ممكن من المقاعد في البرلمان الأوروبي مما يمنح اليمين المتطرف القدرة على  التأثير في قرارات المفوضية الأوروبية.
واتفقت الأحزاب اليمينية الأوروبية مؤخراً على تشكيل مجموعة برلمانية جديدة باسم "التحالف الأوروبي من أجل الشعوب والأمم"، ويشمل التحالف حزب "الرابطة" الحاكم في إيطاليا، وحزب "البديل من أجل ألمانيا"، وحزب "الفنلنديون الحقيقيون"، و"حزب الشعب الدنماركي" و"حزب الحرية" النمساوي، ويتعين الحصول على 25 مقعداً على الأقل من سبع دول لتشكيل كتلة برلمانية بموجب النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي، ويسعى نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني زعيم حزب "الرابطة" اليميني المتطرف لوضع أسس كتلة اليمين الأوروبي في البرلمان الأوروبي المقبل بما يمكنها من التأثير في قرارات المفوضية الأوروبية، لكن مارين لوبن رئيسة حزب "التجمع الوطني الفرنسي" تعمل ضد سالفيني من اجل زعامة التيار اليميني الأوروبي المتطرف، لكن المتوقع أن يشاركا معا في "تظاهرة" خلال الأيام القليلة القادمة، وبحسب تقارير إعلامية، سيتم دمج ما يصل إلى عشرين حزباً ومجموعة في "تحالف للشعوب والأمم الأوروبية"، كما يخطط زعيم حزب الرابطة الأيطالي سالفيني، الذي كان متواجداً في أوروبا الشرقية قبل بضعة أسابيع للقيام بجولة خلال الحملة الانتخابية، لكن حزب العدالة والقانون اليميني البولندي لم يوضح انضمامه إلى صفوف حركة سالفيني من عدمه حتى الآن، والتوقعات حول تكوين ثاني أو حتى ثالث أكبر كتلة برلمانية في البرلمان الأوروبي ما زالت بعيدة المنال. 
ورغم السياسات المشتركة لهذه الأحزاب مثل التشكيك في جدوى أوروبا ومعاداة الإسلام ووقف الهجرة، لكنها تختلف في المجالات الأخرى، فالفارق شاسع مثلاً بين "البديل لألمانيا" المؤيد لاقتصاد السوق، و"التجمع الوطني" الداعي لحماية الدولة، كما أن "الرابطة" الايطالي و"حزب العدالة والقانون" البولندي يتمسكان بجذور أوروبا المسيحية، في حين أن "التجمع الوطني" الفرنسي لا يجعل منها أولوية منادياً بالعلمانية، وحتى في سياسة الهجرة، ثمة انقسامات عميقة بين "الرابطة" المؤيدة  لتوزيع طالبي اللجوء على دول أوروبا، و"التجمع الوطني" و"البديل لألمانيا" المعارضين لذلك.
وعقدت الأحزاب اليمينية الأوروبية مؤتمراً موسعاً مطلع نيسان الماضي داخل فندق صغير من فئة الأربعة نجوم في وسط مدينة روما القديمة وسط تكتم ملحوظ، وشارك فيه مئات اليمينيين من جميع أنحاء أوروبا، ومن داخل المؤتمر وصف داميان لوغ (25 عاما) وهو رئيس منظمة الشباب البديل التابعة لحزب "البديل من اجل ألمانيا" رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر بـ "المهرج السياسي" وميركل بـ "الساحرة"، وهي توصيفات لا يجرؤ حتى المتشددون أنفسهم من حزب "البديل من أجل ألمانيا" على التعبير عنها علناً بسبب صرامة قانون حماية الدستور في المانيا.وأظهرت دراسة جديدة أن نسبة المواطنين الألمان المتبنين للفكر اليميني، ثابتة منذ عامين على 2.5 بالمئة ، وتؤكد فرانسيسكا شروتر، من مؤسسة فريدريش إيبرت التي أعدت الدراسة "ان الرفض أو التقليل من شأن بعض فئات المجتمع، والإيمان بنظريات المؤامرة أو التأييد الخفي لأشكال الحكم الاستبدادي، هي المسيطرة على المشهد اليميني، والمواقف اليمينية المتطرفة الفردية تجد لها مكاناً راسخاً في وسط المجتمع الألماني"، وأظهر استطلاع الرأي لعينة ضمت 1890 من الألمان الذين تتراوح أعمارهم مابين 18 و97 عاماً، ارتفاع نسبة النظرة الدونية (الكراهية) أزاء طالبي اللجوء من 44.3 بالمئة عام 2014 الى 54 بالمئة عام 2019، ورفض المشاركون في الاستطلاع ما أسموه "سخاء الحكومة" في تعاملها مع اللاجئين، وقالوا ان معظم طالبي اللجوء غير ملاحقين في بلدانهم خلاف ما يزعمون، وتقول الخبيرة من مؤسسة فريدريش :"لقد تفاجأنا بهذه النتيجة لأنها تأتي رغم انخفاض عدد طلبات اللجوء الجديدة بشكل كبير منذ عام 2016  " .كما أظهر استطلاع جديد نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية أن من المتوقع أن تزيد مقاعد الأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي إلى الضعفين، في حين تواجه الأحزاب المحافظة والديمقراطية الاشتراكية التي تمثل التيار الرئيس خسارة كبيرة، وأظهر الاستطلاع الذي شمل أكثر من 9500 شخص وجرى في ست دول، إن خسارة أحزاب التيار المعتدل لتأييد الناخبين لها تعني أنها لن تتمكن من تشكيل "أئتلاف كبير" في البرلمان الأوروبي، وأوضح الاستطلاع أنه من المرجح أن يحصل تجمع يميني متطرف يضمّ حزبي الحرية النمساوي والتجمع الوطني الفرنسي على 67 مقعداً مقابل 37 مقعداً حالياً، وقالت "بيلد": إن الأحزاب اليمينية المتطرفة تصدرت القائمة في ثلاث من الدول الست التي جرى فيها الاستطلاع، هي فرنسا وإيطاليا وبولندا، ومن المتوقع خسارة تحالف الشعب الأوروبي المحافظ، الذي يضمّ حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل، 43 مقعداً ليتراجع إلى 174 مقعداً، وفقدان التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين الذي يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني المشارك في الائتلاف الحاكم 45 مقعداً ليتراجع إلى 141 مقعدا.
وإذا ما نجح التحالف اليميني في الحصول على الدعم الكافي لتشكيل المجموعة، فسوف يركز على ثلاثة أهداف هي منح سلطة أقل لبروكسل ووقف تدفق المهاجرين إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي وتنفيذ "نموذج أسترالي" للهجرة، وحماية الهوية الثقافية لأوروبا، حسبما قال أندريس فيستيسين من حزب الشعب الدنماركي، أما يورغن مويتن، من حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي فاز بسبعة مقاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي السابقة فهو يطالب بتحصين الحدود الأوروبية بوجه المهاجرين، وقال: "ان السياسة الحالية للجوء والهجرة في الاتحاد الأوروبي تشكل تهديدا وجودياً للحضارة الأوروبية، وسوف يؤدي السماح لمزيد من المهاجرين القادمين من القارات الأخرى الى تهميش الأوروبيين" مطالباً بتفعيل الاتفاقيات الوطنية مع دولة ثالثة مستعدة لإعادة توطين المهاجرين المرفوضين الذين لا يمكن إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية وفقًا للنموذج الأسترالي.
ويبلغ عدد النواب في البرلمان الأوروبي 751 يمثلون 512 مليون مواطن في الدول الأعضاء الـ 28 (بضمنها بريطانيا)، وأول دورة انتخابية كانت عام 1979 وكل دورة انتخابية لمدة خمس سنوات، وإذا ما اختارت بريطانيا عدم المشاركة فإن عدد النواب سوف ينخفض الى 705، والبرلمان الأوروبي كما يصفه بعض النواب سيكون متحركا له ثلاثة مقرات، في ستراسبورغ الفرنسية تُعقد الجلسات المفتوحة، وفي بروكسيل تجتمع اللجان والكتل، وفي لوكسمبورغ يوجد مقر الإدارة، وهناك مطالبات باختيار مقر واحد، لكن فرنسا متمسكة بوجود المقر فيها.