مسافة الأمان

آراء 2019/05/05
...

حسين علي الحمداني
 

تصريحات الحكومة العراقية واضحة وصريحة بشأن ما يجري في المنطقة من أحداث وفي مقدمتها ما يجري بين واشنطن وطهران،التصريحات العراقية تؤكد أن العراق لن يكون مع طرف على حساب الآخر وهذا يعني ان العراق وضع مسافة أمان مع كل الأطراف لكي يجنب نفسه أن يكون محسوبا على هذا أو ذاك.رغم حاجته للكثير من الأمور سواء من واشنطن كدعم سياسي أو عسكري أو طهران وفي مقدمتها مسالة الكهرباء والطاقة،وهذا ما يجعلنا ندرك حساسية الموقف العراقي في هذه المرحلة.وهذه النقطة تدركها واشنطن جيدا وتم استثناء العراق من بعض بنود العقوبات الأمريكية ضد إيران.مضافا لذلك كله تحركات الحكومة العراقية على عدد من الدول الأوربية مثل ألمانيا وفرنسا من أجل توقيع اتفاقيات تتعلق بالطاقة وغيرها وهذا ما يعني ان العراق يحاول جاهدا أن يتجنب الاعتماد على مصدر وحيد من جهة، ومن جهة ثانية أن يوسع علاقاته الاقتصادية والتجارية مع دول 
العالم.
لهذا علينا أن نسأل ما هي مسافة الأمان المطلوبة؟من وجهة نظر الكثير منا إن العراق رسميا لا يمكن أن يكون مع أمريكا ضد إيران وأيضا لا يمكن أن يقف مع إيران ضد أمريكا وهذا الأمر تدركه واشنطن وطهران معا ومن باب أولى أن يكون العراق الذي يحتفظ بعلاقات طيبة مع البلدين ربما تسمح له أن يلعب دور الوسيط أو نقطة الالتقاء بينهما ومحاولة صناعة طاولة حوار قد تفضي في نهاية المطاف لحلول ترضي الطرفين ودول المنطقة التي تخشى أن تحدث المواجهة بين إيران وأمريكا وسط توتر إعلامي وتصريحات وأخرى مضادة لها من كلا 
الطرفين.
لذا نجد من الضروري جدا ونحن نتحدث عن(مسافة الأمان)التي يفترض أن تكون، يجب أن تمنع إدخال العراق في دوامة صراع يركض إليه الجميع بما في ذلك بعض دول المنطقة التي لها رؤية تختلف عن رؤيتنا لما يدور بين واشنطن وطهران،بعض هذه الدول لديها عداء وصراع مع إيران، ومصالح مع واشنطن تصل حد حماية أنظمتها، نحن في العراق لدينا علاقات جيدة مع طهران وواشنطن، لدينا مصالح كثيرة معهما، وقبل هذا وذاك نحن لدينا حدود تتعدى ألف كيلومتر مع طهران،مضافا لذلك لدينا نظام سياسي يختلف كثيرا عن أنظمة المنطقة وعوامل كثيرة أخرى تجعل صناع القرار في العراق ينظرون بألف عين لأية خطوة قد يقدمون عليها في هذا الملف أو غيره من الملفات التي تثقل كاهل شعوب 
المنطقة.
ومع كل هذه العوامل نجد ان رؤية العراق الحيادية في هذا الملف نابعة من رؤيته ان المنطقة لا تتحمل نزاعات وصراعات جديدة من شأنها أن تعقد الأمور أكثر مما هي معقدة الآن، هذا من جانب ومن جانب آخر، إن طاولات الحوار من شأنها أن تفكك كل العقد من أجل الوصول لحلول تجنب منطقتنا هذه ويلات حروب جديدة.