باقر صاحب
نحن نعلم بالجهود المستمرّة في مكافحة المخدرات بالعراق، لكن أن يصرّح مؤخراً، وزير الدولة لشؤون الأمن بالبريطاني توم توغندهات، بأن « الكبتاغون يتربص بالعراق» فهذا يعني أن هذا الشأن اكتسب سمعة دولية مضرة بالعراق، توغندهات حذر بأنّ حبوب الكبتاغون» تجلب ُ الموتَ والمأساة لعشرات الآلاف من العائلات العراقية»، خلفية تصريح الوزير البريطاني، جاءت على أن العراق اكْتُشفتْ فيه مصانع لإنتاج الكبتاغون. إذاً لم يعدِ العراق مقتصراً على أن يكون ممرّاً لهذه المادة المخدرة، أو مستهلكاً لها،
حيث أصبح تعاطيها بصورةٍ لافتةٍ للنظر، مجلبةً للتفكك الأسري وزيادة حالات القتل والانتحار، على المستوى الاجتماعي، والجريمة المنظّمة على المستوى الجنائي.
هنا يمكن القول أن العراق أصبح بين ثلاث كمّاشات؛ الاستهلاك والإنتاج والتمرير، إذ تزداد نسب استهلاك هذه الحبوب بين الشباب خاصة، لأسبابٍ عديدةٍ، يقف على رأسها الجانب الاقتصادي، حيث الفقر والبطالة، وما ينتج عنهما من مشكلاتٍ اجتماعية، فالشباب الذين هم بحاجة إلى موردٍ مالي يلبّي احتياجاتهم من مأكلٍ ومشربٍ وملابس وترفيهٍ عن أنفسهم، فضلاً عن قلّة الوعي الناتج عن تواضع التحصيل الدراسي أو انعدامه، ومرافقة أصدقاء السوء، يصبحون الفريسة الأولى لتجار المخدرات تعاطياً، ومن ثمّ استغلالهم كمروّجين لها بين فئات المجتمع المختلفة.
مصادر حصول تجار المخدرات على هذه السموم القاتلة، تكمن في ارتباطهم بشبكاتٍ اقليميةٍ تورّد لهم حبوب الكبتاغون، ولن يكتفي تجار المخدرات بترويجها داخل العراق، بل تمريرها إلى بعض دول الخليج أيضاً، ونتيجة الأرباح الهائلة التي تدرّها عليهم، ابتكروا إنتاجها في العراق، وتصريح الوزير البريطاني، الذي نقلته قناة الشرقية يدلّلُ على أنّ هذا الأمر باتَ معروفاً دولياً، وليس جُزافاً إطلاقُ مثل هذا التصريح، أو بعبارةٍ أخرى، ليس من المعقول أن تصريح هذا الوزير تعوزه الدقة.
والدليل على ذلك ما صرّح به مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، سعد معن، في فيديو قصير نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي في شهر تموز الماضي عن ضبط معمل من هذا النوع في محافظة المثنى جنوبي العراق قائلاً «المعمل مُعَدٌ لتصنيع حبوب الكبتاغون المخدّرة مع مواد أوليّة تُقدَّر بسبعة وعشرين ونصف كيلوغرام مع الأختام الخاصة بالحبوب المخدرة».
وقد يسأل سائل: لماذا هذا الانتشار المخيف لهذا النوع من المخدرات، والجواب، إن حبوب الكبتاغون سهلة التصنيع، وهذا يفسّر السعي إلى إنتاجها في العراق، حيث يصفها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة بأنها «أحد أنواع الأمفيتامينات المحفّزة وهي عادةً مزيجٌ من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى». سهولة تصنيعه تقابلها خطورة إدمانه، إذ بحسب ما يقول الطبيب المصري إيهاب الخراط الحائز على الدكتوراه في علاج الإدمان من جامعة «كنت» البريطانية يسبّب الكبتاغون « التشتّت والهلاوس وزيادة في ضغط الدم واضطراب ضربات القلب والرعشة والقيء والضعف الجنسي وفقدان الرغبة الجنسية».
هناك جهدٌ كبيرٌ تبذله وزارة الداخلية العراقية في مكافحة المخدرات بجميع أنواعها، وسائل إعلامٍ عربية أطلقت على ما يجري في العراق من جهودٍ مبذولةٍ لكبح جماح انتشار حبوب الكبتاغون خاصةً، بأنها» حرب الكبتاغون»، وهنا من الضروري أن تكون الحاجة الماسّة لهذه الحرب الجديدة، بقدر الحاجة إلى مقارعتنا للإرهاب، والمضمار الأول في هذه الحرب تقوية الجهد الاستخباراتي على الحدودِ مع بعض دول الجوار، التي يُعتقد أنّها تمرّر تلك الحبوب والمخدّرات أو موادّها بأنواعها كافة إلى العراق، وكذلك قطع دابر تجار الداخل من تصديرها إلى دول جوار أخرى.
ولن يقتصر الانتصار في حرب الكبتاغون على ذلك، بل يتطلب إيقاع أقصى العقوبات بمرّوجي المخدرات، وهذا ما طالب به الخبير الأمني العراقي مخلد حازم الدرب في تصريح لموقع «سكاي نيوز» ب» تغليظ العقوبة على تجار المخدرات ومروّجيها؛ ليكون العقاب على قدر
الجريمة»