يعقوب يوسف جبر
شهدت مدينة كركوك في الآونة الأخيرة أحداثا مؤسفة ومقلقة، تجسدت في شكل تظاهرات قام بها متظاهرون من قوميات واقليات متنوعة مما أدى إلى سقوط ضحايا وإصابات وأعمال شغب وحرق ممتلكات. لكن من هو المستفيد من إثارة هذه الاحداث؟ من المؤكد أن هنالك جهات خفية تدفع باتجاه إثارة الأزمات في هذه المدينة بهدف إشعال فتيل الأزمات، وهذه الجهات تستهدف الجميع دون استثناء.
إن هذه المدينة ذات طابع اجتماعي متنوع، لذلك يجب أن تبقى هادئة، وأن يتلاحم ويتضامن مواطنوها من مختلف القوميات والأقليات للحفاظ على أمنهم واستقرارهم. من هنا يجب على جميع الأطراف مراجعة الحسابات وتقريب وجهات النظر، لأن مدينة كركوك هي مدينة الجميع وليست حكرا على قومية أو أقلية ما. ليس من حق اية قومية في هذه المدينة أن تمنع اية قومية أو أقلية أخرى من التمتع بحقوقها السياسية ضمن حدود الدستور والقانون. لذلك يجب ان تسود لغة العقل والتآخي والمحبة بين الجميع دون استثناء. ومن أجل السعي لتحقيق هذه الغاية من الضروري عقد مؤتمر وطني يضم جميع الأطراف لبحث مختلف القضايا المشتركة، ووضع الحلول وختام المؤتمر بتوصيات تصب في مصلحة الجميع.
ان النزاع القومي في هذه المدينة قد حدث مرارا وتكرارا، وقد أضر بوحدة مجتمعها وتلاحمه، لذلك لا بد من أن يقف الجميع وقفة موحدة ضد اية محاولات مشبوهة، قد تحدث مستقبلا هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المدينة.
ومن أبرز المشكلات التي يواجهها الجميع في هذه المدينة هي مشكلة التعصب القومي واعتداد كل طرف بقوميته وتفضيله مصالحه على مصالح غيره، لذلك بات من المنطقي نشر الوعي الوطني بين مواطني هذه المدينة، متضمنا الحث على نبذ التعصب القومي، واستبداله بالتآلف ووحدة الصف ووحدة الكلمة. إن دراسة التاريخ الاجتماعي لمجتمع مدينة كركوك، يعكس بوضوح أنها مدينة، قد سكنتها جميع القوميات والأقليات عبر تاريخها الطويل، فلا يحق لأية قومية تهميش غيرها والاستئثار بمراكز النفوذ فيها. ومن أهم المساعي التي يجب ان يبذلها الجميع لحماية هذه المدينة من الفتن، هو طمس فكرة التعصب وإعلاء فكرة التضامن، والتشجيع على السلم الأهلي والتعاون والتكافل، لدرء اية فتنة لو حدثت، فإن الجميع سيحترق بلظاها ونيرانها حينئذ لن ينفع الندم.
من المؤكد أن هنالك مخططات محلية وخارجية، تتضمن إثارة الأحداث الدموية بين جميع قوميات واقليات المدينة بهدف إراقة الدماء، وفي حالة حصول ذلك فإن صوت الدم وصوت الفرقة سيعلو على صوت العقل. لذلك ينبغي لمجتمع كركوك ان يعي الدرس جيدا من الأحداث المؤسفة، التي وقعت مؤخرا وأن ينصت ويصغي بعضه للبعض الآخر، وأن ينتقل إلى مرحلة جديدة في مجال ضبط النفس وترسيخ اسس الوحدة الاجتماعية، وتشكيل تضامن سياسي يضم الجميع، لكي تبقى كركوك مدينة الجميع بلا تمييز أو
فرقة.