الاقتصاد الأخضر

آراء 2023/09/13
...

 نجاح العلي

منذ قرنين من الزمن انطلقت الثورة الصناعية، رافقها استخدام مفرط للموارد الطبيعية، خاصة الغطاء النباتي المتمثل بالغابات والمراعي الطبيعية، ناهيك عن تركز المشاريع الصناعية قرب المصادر المائية، واستهلاكها لكميات كبيرة من المياه، فضلا عن الاستخدام الكبير للوقود الاحفوري من الفحم والنفط والغاز،

 الذي يتسبب بإصدار كميات كبيرة من الغازات الدفيئة،  المتمثلة بغاز ثاني أوكسيد الكاربون والميثان وبقية الغازات، التي أدت إلى ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري، جراء تمركز وبقاء هذه الغازات داخل الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الأرض عن معدلاتها الطبيعية، وحصول تغيرات مناخية عديدة تهدد وجود الانسان وبقية الكائنات الحية.

 وثيقة المساهمة الوطنية، التي أعدّها العراق العام 2015 والمقدمة للجهات الدولية اقتضت بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى 13 % من معدلات انبعاثاتها حتى عام 2035، والتي سيتم تنفيذها عند توفر الدعم المادي والتقني من صناديق الاتفاقية من الجهات الدولية عن طريق اتفاقات ثنائية بين العراق، بوصفه دولة متأثرة سلبا من هذه الظاهرة وبين الدول الاكثر تسببا بهذه الانبعاثات وعن طريق صندوق المناخ الأخضر، الذي تم تأسيسه لهذا الغرض، والذي يتم ايداع سنويا ما قيمته مئة مليار دولار، لتمويل مشاريع صديقة للبيئة في الدول الاكثر هشاشة وتأثرها من التغيرات المناخية والعراق في مقدمتها.

 توجه الحكومة العراقية بات منصبا نحو تنفيذ العديد من المشاريع التنموية، بالاعتماد على الطاقة المتجددة، وتدوير الحرارة لإنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة منها، بدلا من هدرها لأغراض الإنتاج وتطوير بعض العمليات الصناعية، لتحقيق خفض انبعاثات الغازات مثل صناعة الأسمدة، وإنشاء المشاريع الصناعية في القطاعين العام والخاص ضمن مشاريع المدن والمجمعات الصناعية، التي ترغب وزارة الصناعة والمعادن بتنفيذها، لتشجيع الصناعات الخاصة بتصنيع أو تجميع المنتجات، بما في ذلك خلايا الطاقة الشمسية والأجهزة والمعدات العاملة بالطاقة الشمسية، واستبدال بعض أنظمة الحرق الآلي في مصانع الطابوق، التي تنتمي للقطاع الخاص بأنظمة حرق أكثر كفاءة وصديقة للبيئة وتنفيذ مشروع استراتجي لاصطياد وتخزين ثاني أوكسيد الكاربون في تراكيب الأرض والاستغلال الامثل من المواد الاولية في اعادة تدوير

 النفايات.

 الاقتصاد العالمي واستجابة لمتطلبات التغيرات المناخية وتأثيراتها الجسيمة، بدأ بالتوجه بقوة نحو التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر والتقليل من الاعتماد على الوقود الاحفوري المسبب الرئيسي لارتفاع درجات الحرارة وتلوث الهواء وهذا ملا نلاحظه حتى مع الدول النفطية التي بدأت باستغلال الوفرة المالية لديها جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز لانجاز مشاريع استراتيجية تنموية خاصة في انتاج الطاقة والنقل والانشاءات والمشاريع الصناعية والزراعية والمدن السكنية الذكية باعتماد الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر المستدام والمتجدد والصديق للبيئة.