البلاد بحاجة الى بناء 12 ألف مدرسة

ريبورتاج 2019/05/06
...

بغداد /  بشير خزعل 
تصوير/ نهاد العزاوي
ما زالت المدارس في اغلب المناطق والمدن العراقية تعاني من حالات الاكتظاظ في الصفوف الدراسية بغياب مشاريع البنى التحتية فتحول الكثير منها الى مبان متهالكة يعاني فيها الطلاب من حر الصيف وبرد الشتاء، ويصل عدد الطلاب في بعض الصفوف الى اكثر من خمسين طالبا مع وجود دوام ثان لمدرسة أخرى في نفس البناية ، فهي للدراسة الابتدائية صباحا والدراسة المتوسطة أوالاعدادية مساء ، الامر الذي شجع اغلب العوائل وحتى غير الميسورة منها على اللجوء الى المدارس الاهلية التي جذبت عشرات الالاف من الطلبة، فضلا عن المدرسين الذين امتهنوا التربية والتعليم لسنوات طويلة. 
تلكؤ 
استمرار التلكؤ في  انجاز مشاريع بناء المدارس سيؤدي الى تفاقم مشكلة التعليم الحكومي وانهيار سمعة التعليم في المدارس العراقية واستمرار تسرب الكفاءات التعليمية بعد ان جذبتها واستحوذت عليها عروض تجارة التعليم الاهلي .  
في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد تنتشر مئات المدارس الابتدائية المختلطة والثانوية لكلا الجنسين الذكور والاناث ، واغلب تلك المدارس من الابنية القديمة التي بنيت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، صفوف واثاث رثة ومظاهر لا توحي للناظر بان تلك المباني هي للتعليم ، اغلب الحمامات والمغاسل غير نظيفة ولا يوجد ماء في صنابيرها المعطلة، ويقول معاون احد المدارس الابتدائية في منطقة الشعب ( رفض ذكر اسمه ) لتحاشي المساءلة: في هذه المدرسة الابتدائية مئات الاطفال وجميعهم مازالوا اطفالا، ومع ذلك لا توجد في المدرسة مغاسل وحمامات نظيفة، ولا كافتريا ولا مرسم او قاعة رياضة ، وهذا ليس حال مدرستنا فقط بل حال اغلب المدارس الاخرى . 
كاظم مهيون المدرس في احد المدارس الثانوية اشار الى تردي واقع التعليم الحكومي بسبب تهالك الابنية المدرسية التى فقدت بناها التحتية من مختبرات وقاعات اختصاصية لتدريس العلوم الصرفة كمادة الفيزياء والكيمياء والاحياء، واصبحت اغلب المدارس مجرد صفوف من اربع جدران وسبورة بائسة، ولاحاجة لذكر اكتظاظ القاعة الدراسية بالطلبة الذي يعيق عمل المدرس ويصعب من مهمة الطالب في فهم الدرس. وبين مهيون ضرورة ان تعيد الدولة هيبة التعليم الحكومي وتدعم المؤسسة التربوية لانها المنتج الحقيقي لاجيال متلاحقة تسهم في بناء 
وتطوير البلاد . 
 
شركات وهمية 
 لجنة التربية البرلمانية في مجلس النواب العراقي اعلنت حاجة العراق الى 12 ألف مدرسة، وأكدت تشكيل لجان تحقيقية مـع الـشـركـات الوهمية التي أنيطت لها مهمة بناء وترميم المدارس والوسطاء الذين جاؤوا بها للتعاقد مع الوزارات المعنية، في وقت أكد الامين العام لمجلس الــوزراء حميد الغزي الـذي شـارك في اجتماع  خاص لمناقشة  مشكلة المدارس أن العام 2019 سيشهد إكمال المرحلة الاولى من المدراس والسنة المقبلة لاكمال جميع المراحل وبالاتفاق مع وزراء التخطيط والـصـنـاعـة والمعادن والإعمار والإسكان ووكـيـل وزارة التربية  وعــدد من المسؤولين التنفيذيين في الـوزارات المعنية وأعضاء لجنة التربية النيابية .   
 رئيسة لجنة التربية في مجلس الــنــواب هـــدى الــجــار الــلــه الــجــبــوري  قالت :  العراق بحاجة الـى بـنـاء 12 ألف مـدرسـة فـي عـمـوم المـحـافـظـات، لـكـي تـكـون هناك مـدارس نموذجية يمكن أن تراعي الحالة النفسية للتلاميذ والطلبة وتمنحهم الساعات الدراسية الكافية وفـق النظام المعمول به عالمياً، وتساءلت إذا كانت الاراضـي المخصصة لبناء تلك المـدارس غير موجودة، فكيف سيبنى هذا العدد منها؟، مطالبة ببناء نصف هـذا الـعـدد مـن المــدارس لكي يتلقى جزء من الطلاب التعليم الصحيح والمناسب لهم ، وأضـافـت الـجـبـوري أن “الاجـتـمـاع الــذي عـقـد مع ممثلي الحكومة، توصل الى تشكيل لجان تحقيقية يـمـكـنـهـا فـتـح مـلـف الـشـركـات الـتـي تسلمت الاموال و تـلـكـأت ببناء المدارس ولم تنجز سوى 5 بالمئة منه، أو أن المـشـروع لم يكن  مـوجـودا  بالاساس، منوهة بأن “اللجنة طالبت بعقد اجتماع ثان خلال المدة القريبة المقبلة مع النائب الاول لرئيس مجلس النواب  لتقديم توصيات، أولها محاسبة تلك الشركات واسـتـعـادة المبالغ منها، فـي حـال وجـود أصحابها، والمــضــي بـتـوقـيـع عـقـود رصـيـنـة مع شركات جيدة ولها اعمال مماثلة في الدول الاخرى، لبناء مــدارس وفـق مـا مـوجـود مـن طــراز فـي دول العالم، على أن تكتب العقود بأيد عراقية وتفرض الــشــروط الــتــي تـعـتـقـد أنـهـا صـحـيـحـة ويـمـكـن محاسبة الشركة في حـال مخالفتها بشكل مباشر وليس عن 
طريق الوسطاء .
 
 محاسبة                    
 النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي قال  فـي كلمته خــلال اجتماع خصص لبحث موضوع الابنية المدرسية : لا ننظر الـى ملف يتعلق بأبنية حكومية، بـل نحن نتكلم عـن ضـرر بـالـغ لحق باهـم قـطـاع فـي المجتمع من خلال هدم 1336 مدرسة اضطر طلابها للدوام  فـي مــدارس أخــرى تعاني مـن ازدواج دوام ثنائي وثلاثي وحتى رباعي، وانعكاسات ذلك على تراجع المستوى التعليمي لعشرات آلاف الطلبة، وأكــد الـكـعـبـي أهـمـيـة إلــزام الـحـكـومـة بتوصيات مـحـددة يـتـفـق عـلـيـهـا الـمجتمعون، مـنـهـا إمـكـانـيـة تشكيل لجنة على مستوى وزراء وليس وكـلاء أو مدراء عامين لضمان سرعة اتخاذ القرار وتنفيذه بـأسـرع وقــت، وأيـضـا محاسبة المـقـصـريـن الـذيـن عـمـلـوا ملف المدارس مـنـذ الـعـام 2009 ولـغـايـة الآن، وعـدم الــركــون الــى آلـيـة اعـتـمـدتـهـا الـحـكـومـات الـسـابـقـة بتشكيل لـجـان تتبعها لـجـان من دون إيـجـاد حلول كفيلة 
بحل المشكلة”. 
كـمـا ركــز الـكـعـبـي، عـلـى “أهــمــيــة تــرك الـجـوانـب القانونية لتأخذ مجراها، فالكل يعلم بأنها تستهلك وقـتـا طـويـلا وجـهـدا كـبـيـرا، وإيـكـال الامــر للدوائر القانونية لكل وزارة، بينما تعمل الوزارة على إيجاد حل سريع، فمن غير الممكن عـدم تسليم مدرسة بلغ انجازها اكثر من 90 % فقط لوجود متعلقات قانونية أو تعاقدية بشأنها، خـاصـة وأن مـوازنـة 2019 خصصت واحد ترليون دينار ضمن تنمية الاقـالـيـم للقطاع الـتـربـوي يمكن استغلاله فـي 
هذا الامر. 
                                                                                                          
 هياكل
 عضو لجنة التربية منتهى جبر الطليباوي، بينت ان مشكلة النقص في الابنية المدرسة، والتلكؤ في بناء مدارس جديدة موجودة  منذ 2008 ولغاية الآن. ، والـشـركـات خـلـفـت لـنـا 200 هـيـكـل فـي بـغـداد والمحافظات لأبنية مدرسية غير منجزة ، مؤكدة أن غالبيتها بنسب انجاز ما بين 15 ـ 30 بالمئة  ، مع اندثار تلك الهياكل والابنية لتصبح نسبة الانجاز لا تتجاوز
 5 بالمئة. وألمحت الطليباوي، إلى أن السبب الرئيس لانحدار واقــع التعليم فـي الـعـراق هـو قلة الابـنـيـة المدرسية والـذي أدى الـى ازدواج الـدوام في المدرسة الواحدة  ، وفــي بـعـض الاحـيـان  يوجد دوام ثـلاثـي وربــاعــي”، مـنـبـهـة الى ان اعداد التلاميذ تتزايد يوماً بعد آخر ولا تتناسب مع قلة المدارس الموجودة . 
 
 توصيات 
 الـوزراء المعنيون بالملف؛ سلطوا الـضـوء على عـدة قضايا منها: أن ينقسم مشروع الابنية المدرسية الـى ثلاثة أجـزاء، الاول هو وجـود أكثر من 350 مدرسة بنسب انجاز عالية سيتم اتمامها هذا الـعـام وعـدد آخـر يمكن الانـتـهـاء منها مطلع العام المـقـبـل، بينما أجــرت الـلـجـنـة المـركـزيـة المشكلة لملف الابنية المدرسية مـفـاوضـات مع الشركات وأبـدى قسم منها حسن نية لإتمام أعـمـالـهـم، وكـذلـك تـوجـد مـشـاكـل مـع أخــرى قامت بـسـحـب مـبـالـغ الـسـلـفـة وحـالـيـا هـنـاك دعــاوى في المـحـاكـم المـخـتـصـة لمـقـاضـاتـهـا بـعـضـهـا اكـتـسـب الدرجة القطعية وتتم ملاحقة الاموال واستردادها،  وجـــرى الاتــفــاق فــي خــتـام الاجتماع عـلـى عـدة توصيات، من بينها: - ضرورة محاسبة المقصرين بأسرع وقت واســتــغــلال كــرفــانــات وزارة الــهــجــرة ونـقـلـهـا للمحافظات لتعويض النقص في الابنية المدرسية ، والغاء مديرية الابنية المدرسية في وزارة التربية والدوائر المماثلة في بقية الوزارات، كونها مهاما فنية يمكن تكليف وزارات وشـركـات مختصة بالأمور الهندسية والفنية، بالاضافة الى التنسيق بين السلطة التشريعية والتنفيذية على تحقيق هـدف واحـد وهـو اكـمـال المــدارس، على أن تقدم الحكومة
 موعدا لذلك.