علي حسن الفواز
رغم الاختتام "المتوازن" لقمة دول مجموعة العشرين التي عُقدت في نيودلهي، إلّا أنّ كثيراً من مشكلات العالم ظلت صاخبة، ومفتوحة على مزيدٍ من الخلافات والتقاطعات في المواقف، فروسيا التي قالت عن القمة بانها ناجحة، لأنّ المجتمعين لم يتفقوا على موقف ينتقد روسيا في حربها مع أوكرانيا، وأن بعض قادة الدول مازالوا يتحفظون على العقوبات الأميركية، وينظرون للحرب من نافدة المصالح ومن البراغماتية السياسية.
رغم الإشارة إلى الدعوة الدبلوماسية إلى الابتعاد عن استخدام القوة واللجوء إلى المعالجات السياسية، فالهند – الدولة المُستضيفة- عمدت إلى دوزنة ايقاع الخطاب السياسي خلال أعمال القمة، ودعت إلى تبني معالجات ستراتيجية لقضايا العالم، على مستوى النظر إلى مفاهيم التقدم والتكامل الاقتصادي، وتسريع الخطوات باتجاه نجاح السياسات الاقتصادية، ومنها ما يتعلّق ببرامج الممرات الدولية، وإعادة النظر بالتنسيق الستراتيجي بين الغرب والشرق والجنوب.
مثلما وجدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في هذه القمة فرصة لتضمين موقفهم في الإعلان الختامي، والذي نصّ على نبذ القوة في السيطرة على أراضي الآخرين، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بالقول: " إنَّ قادة الدول أكدوا على عدم انتهاك سلامة أراضي دول أخرى وسيادتها أو استقلالها السياسي" وهذا ما وجدت فيه روسيا موقفاً دبلوماسياً أكثر من كونه سياسياً، ويتناسب وطموحها، من خلال منعها اتخاذ أي موقف أو قرار يخصّ انتقاده، وهو ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي ترأس وفد بلاده بالقول: "إن بلاده تمكنت من إحباط المحاولات الغربية لجعل موضوع أوكرانيا يهيمن على جدول أعمال القمة".
معطيات هذه القمة كشفت عن كثيرٍ من الاختلافات السياسية بين دول العشرين، إذ تمكنت دول تجمع "بريكس" من فرض مواقفها المتوازنة إزاء ما يتعلق بالمواقف من قضايا الحرب الروسية الأوكرانية،ـ ومن العقوبات الغربية على روسيا، ودعت إلى إيجاد معالجات واقعية لقضايا ستراتيجية تتعلق بتعقيدات العالم الاقتصادية، والتعهّد باتخاذ إجراءات عملياتية لمواجهة أزمات المناخ والتحديات البيئية، والمشكلات التنموية التي تعاني منها الدول الفقيرة، ومواجهة الإرهاب، والمشكلات الخاصة بأزمات الطاقة والغذاء، فضلاً عن ذلك دعا الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتريش على هامش القمة إلى مواجهة الانقسامات العميقة في العالم، وإلى تشكيل قيادة مشتركة لمكافحة أزمة المناخ والصراعات العالمية والفقر.