أفكار إمرأة واحدة تعزز اقتصاد أفريقيا

بانوراما 2023/09/17
...

 سوزان ويليامز

 ترجمة: بهاء سلمان

تعد الطبقات الوسطى في افريقيا العمود الفقري المالي للقارة، حيث يقوم العديد منها بإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تدفع بخلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الكثير من أفراد هذه الطبقة ليسوا ببعيدين جدا عن حالة الفقر والتعرّض لحالة طارئة، ويبدو أن فكرة بناء الثروة تبدو وكأنها حلم بعيد المنال. ورغم هذا، تقول إحدى النساء إنها جعلت مهمة حياتها النهوض بالطبقة الوسطى في إفريقيا.
كانت "سوبومي بلومبتر" تعمل سابقا مستشارة للعلامات التجارية، وتحوّلت إلى راعية للإزدهار المالي في نيجيريا؛ وهي المؤسس المشارك لمؤسسة "فولشن كاب" 

(Volition Cap)، التعاونية الاستثمارية، التي تهدف لمساعدة الأفارقة على بناء الثروة والاستقرار المالي. وبتأسيسها منذ سنة 2018، أطلقت المؤسسة صندوقا بقيمة 30 مليون دولار، مخصص لتمويل مشاريع الأفلام والعقارات والزراعة في إفريقيا. يستخدم الصندوق نهجا استثماريا تعاونيا تقليديا مع التركيز بشكل خاص على مساعدة الطبقات 

الوسطى.

ومن خلال تسهيل شؤون الأفراد ذوي الموارد المالية المحدودة للالتقاء وتشكيل المجموعات، تمكنهم المؤسسة التعاونية من تجميع استثماراتهم والقيام بمشاريع جماعية أكثر أهمية. وتقول بلومبتري إن المهمة هي مساعدة "النزيهين والمثابرين على تكوين ثروة 

هادفة".

شهدت الطبقة الوسطى في إفريقيا نموا كبيرا، وصل إلى 34 بالمئة خلال الثلاثين عاما الماضية، وفقا للأرقام الصادرة عن مجموعة بنك التنمية الأفريقي. هذا على النقيض من أوروبا وأميركا، حيث كان هناك انخفاض في عدد سكان الطبقة الوسطى، بمتوسط 60 بالمئة و50 بالمئة على التوالي، كما تظهر الأرقام من منظمة العمل الدولية.

وتحظى النساء أيضا بتركيز كبير في عملها، لأنها تعتقد أنه مفتاح للارتقاء وخلق الثروة في إفريقيا. تقول بلومبتر إن نحو "نصف عملائنا من النساء، ووفقا للبنك الدولي، فإن إفريقيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي تختار فيها النساء أكثر من الرجال أن يصبحن رائدات أعمال. لذا، مرة أخرى، إذا أردنا النهوض بافريقيا حقا من حيث الاقتصاد ومن حيث الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم، فإن النساء في الواقع ينشئن أعمالا في افريقيا أكثر من الرجال، لذلك فمن الضروري دعمهن".

فقد أمضت بلومبتري عشرين عاما وهي تتسلق السلم الوظيفي للشركة، ولكن في منتصف طريق هذا السلّم، صدمتها حقيقة واقعية.  وتعلق قائلة: "ربما بعد عشر سنوات من مسيرتي المهنية، أدركت أنني سأكون فقيرة متى ما توقفت عن العمل، مثل معظم العاملين بالشركات الكبرى، وكنت نزيهة ومجتهدة ومخلصة بعملي تماما. وكنت جاهلة بشكل كامل عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات، لذلك لم يكن لدي أي معرفة بالاستثمار ولم أمتلك أية استثمارات خاصة بي." وواجهت هذه المرأة المكافحة أيضا لحظة فاصلة مع فقدان والديها في غضون ستة أشهر.


تحويل المأساة إلى انتصار

"بالنسبة لمن يعرفون نيجيريا.. أنت تدفع من مالك الخاص، لأنه ليس لدينا نظام رعاية اجتماعية منظّم حقا. وإذا ما كان عليك في أي وقت إجراء أي عملية جراحية معقدة أو أي نوع من حالات الطوارئ الصحية المعقدة، ولا تملك المال اللازم للسفر إلى الخارج، فإنك ستموت بالفعل؛ وهذا ما حدث لوالدي".

جعلت هذه المأساة بلومبتري تدرك أنها، شأنها شأن العديد من أفراد الطبقة الوسطى، تفتقر لشبكة أمان عند مواجهة حالات الطوارئ الحرجة، الأمر الذي حفّزها إلى اتّخاذ إجراءات وإيجاد طريقة لتمكين الأشخاص العاديين مثلها بالمعرفة والأدوات اللازمة لبناء الثروة والأمن المالي.

تكمل بلومبتري حديثها: "أدركت أن هناك الكثير من الأشخاص مثلي، وقررت أنني سأفعل شيئا حيال ذلك.. فطرقت الأبواب، وإلتقيت بمصرفيين من القطاع الخاص، وسألت عماهية الوسيلة لتكوين الثروة كشخص عادي من الطبقة المتوسطة، ولم يتمكن أي أحد من الإجابة على 

سؤالي".

وبعقدها العزم على سد هذه الفجوة، أخذت الأمور على عاتقها وأنشأت دورة استثمار عبر الإنترنت، وهي من أوائل الدورات من نوعها في نيجيريا، وفقا لبلومبتر. كانت الدورة بمثابة مستودع للمعرفة فاستوعبت كل ما تعلمته عن الاستثمار وبناء الثروة. وتشير بلومبتر إلى أن دورة الاستثمار كانت متاحة لعشرة آلاف شخص، نصفهم دخلوها مجانا. ومن خلال تزويد الناس بالمعلومات الصحيحة، كانت تهدف إلى كسر حلقة الضعف المالي وتوفير وسيلة للأفراد، وخاصة النساء، للهروب من مصيدة الفقر.

ومع نجاح نظرة بلومبتر، إزداد كذلك تأثيرها، وتضيف: كانت هذه مجرد وسيلتي لإضفاء الطابع الجماهيري على المعرفة الاستثمارية. أردت أن يحصل الناس على هذه المعلومات، مع إدراكي لعدم كفاية تزويد الناس بالمعلومات، فقد كان عليَّ أيضا مساعدتهم على الاستثمار. هذه هي الطريقة التي بدأت بها، فقبل كل شيء، أوجدنا ناديا استثماريا، ثم أصبحت أنا المدير الثاني المرخّص للتمويل."

كان النادي الاستثماري عبارة عن جهد جماعي سمح للأعضاء بتجميع مواردهم والقيام باستثمارات أكثر أهمية. وتقول بلومبتر إن مؤسسة فولشن كانت علامة بارزة في رحلتها، حيث سمحت لها بإدارة أصول تقدر بحوالي 30 مليون دولار من خلال نموذجها التعاوني.

ومع ارتفاع تكلفة المعيشة، ورفع الدعم عن البنزين مؤخرا في نيجيريا، حوّلت فولشن كاب تركيزها من الأفراد إلى الشركات الصغيرة. كما يتم تقديم قروض لأصحاب الأعمال الصغيرة داخل التعاونية، حيث تضمن العضوية أن الأفراد قد تم فحصهم والتوصية بهم من قبل أعضاء آخرين، الأمر الذي يقلل من مخاطر القروض غير المرجوعة الأقساط بشكل نظامي.

"إذا انهارت الأعمال التجارية، فإنها تؤثر في الأشخاص الذين يعتمدون على الأعمال التجارية والموظفين والموردين والمقاولين؛ فهي تملك هذا التأثير المضاعف. لذلك عندما يكون هناك ركود، بصفتنا مديري صناديق، فنحن بحاجة لأن نحوّل تركيزنا صوب تمويل الشركات، وهذا ما نفعله حاليا."


وكالة سي ان ان الاخبارية الاميركية