الديمقراطيَّة في يومها العالمي

آراء 2023/09/17
...

 حسين علي الحمداني


الديمقراطيَّة تمثّل حالةً راقيَّةً يمكن أن تصل إليها المجتمعات وتنتج من خلال ممارستها حكوماتٍ منتخبةً تتسم بالشفافيَّة والنزاهة وتراعي تمثيلًا حقيقيًّا للمجتمع. لعلَّ هذا التعريف المبسّط لمفهوم الديمقراطيَّة، التي يحتفل العالم في 15 أيلول من كل عام بيومها العالمي، يؤكد لنا مدى أهمية الديمقراطيَّة، بوصفها قضيَّة عالميَّة ولم تعد مقتصرة على بلدٍ دون آخر بحكم ما تمثله من حالةٍ يجب أن يصل إليها الجميع.

قد يتصور البعضُ أنَّ الديمقراطيَّة تعني صناديقَ الاقتراع، وما تحتويه من خيارات الناخبين وما تفرزه من نتائجَ ترضي هذا الطرف وتزعج الآخر، لكنَّ الحقيقة أنَّ الصندوق الانتخابي أحد أركان الديمقراطيَّة وهو وسيلةٌ للتعبير، ومن هنا نجد أن غياب أيِّ ركنٍ من أركان الديمقراطيَّة يغيّبها ويحوّلها إلى حالةٍ أخرى، ومن أهم الأركان وجود ثقافةٍ ديمقراطيَّةٍ لدى الشعوب تؤمن بها وتسعى لتطبيقها في جميع مجالات الحياة، ووجودها يعني وجود أحزابٍ هيَّ الأخرى تؤمن بالديمقراطيَّة والتداول السلمي للسلطة ومخرجات صناديق الاقتراع. وكذلك توفّر رقابةً على نزاهة الانتخابات، من خلال المنظمات العالميَّة المعنيَّة بهذا، مضافا لها منظمات المجتمع المدني المحليَّة، والتي تراقب عن كثبٍ الانتخابات في مراحلَ مبكرةٍ منها حتى نهايتها.

وعندما تتوفر كل هذه الأركان سنجد أنَّ هنالك تغيراتٍ كبيرةً ستحصل في المجتمعات وبنية الدولة، التي تحتكم للقوانين المنظّمة للحياة بمختلف مجالاتها السياسيَّة والاقتصاديَّة  والاجتماعيَّة، والتي تؤدي إلى تنميةٍ حقيقيَّةٍ في البلدان، خاصة إذا ما عرفنا أنَّ أبرز أهداف الديمقراطيَّة هو الوصول للتنمية الشاملة، التي تفتقد لها الكثير من البلدان، التي تحرص على الممارسات الديمقراطيَّة، دون أن تسعى لتطوير بلدانها ومحاربة الفاسدين، الذين يمثلون الخطر الأكبر على الديمقراطيَّة، من خلال تسلّقهم للسلطة بطرقٍ عديدةٍ، مستغلين غياب الوعي لدى الناس، وهم أحد أسباب غيابه لدى الشعوب من خلال إهمالهم لقطاعاتٍ عديدةٍ، منها الصحّة والتعليم، ما يجعل الشعوب تظلُّ بعيدةً عن التطور وخاضعةً لهم.

من هنا نجد أنَّ الديمقراطيَّة حاجةٌ ملّحةٌ يمكن من خلال ممارستها بطريقةٍ صحيحةٍ أن تصحّح الكثير من الأخطاء وتعالج الكثير من المشكلات التي تعاني منها البلدان، وتؤسس لدولةٍ مدنيَّةٍ تستند للقوانين والأنظمة، وتراعي حقوق الإنسان وتسعى لوضع خططٍ تنمويَّةٍ من أجل تغيير الواقع نحو الأفضل.