مضاربون ومحللون يتلاعبون بسعر الدولار عبر {فرضيات خاطئة}

الأولى 2023/09/17
...

 بغداد: هدى العزاوي 

 

تلقى "فرضيَّة خاطئة" تدّعي أنَّ زيارات مسؤولي الخزانة الأميركيَّة إلى العاصمة بغداد هدفها زيادة العقوبات على المصارف، رواجاً في السوق المحلية وكانت السبب الرئيس في ارتفاع سعر صرف الدولار خلال الأيام الماضية. وبيّن مختصون في الشأن الاقتصادي أنَّ هذه الفرضيات التي يُطلق لها العنان من قبل المضاربين المستفيدين تلقى دعماً وترويجاً عند الكثير من المحللين الاقتصاديين أو السياسيين لأسباب عدة.

وبيّن المحلل في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، في حديث لـ"الصباح"، أنَّ "هناك ربطاً بين ارتفاع سعر صرف الدولار والعقوبات المفروضة على المصارف، وهذا الربط جاء نتيجة استفادة التجار وبعض المحسوبين على التحليل الاقتصادي"، مؤكداً أن "لا علاقة لارتفاع سعر الصرف بفرض العقوبات على أربعة مصارف في تشرين الثاني 2022 وكذلك عند فرض عقوبات على 14 مصرفاً بعد ذلك التاريخ"، موضحاً أنَّ "هذه الفرضيات غير منطقية اقتصادياً، وذلك لأنَّ الـ(14) مصرفاً كانت نسبة دخولها بنحو 8 % في مزاد العملة ويمكن تغطيتها من قبل المصارف الأخرى".

ولفت إلى أنَّ "هذه الفرضيات يطلق لها العنان من قبل بعض المحللين الاقتصاديين لغرض الاستفادة منها، خاصة أنَّ بعضهم له توجهات سياسية مناهضة للحكومة الحالية، ويحاول تشويه الحقائق من خلال الترويج لمثل هكذا (فرضيات خاطئة) أو يكون لهم ارتباط مع تجار العملة، وهذا ما تنبهت له السلطات"، وتوقع التميمي أن يتم "إلقاء القبض" على بعض أولئك المحللين الاقتصاديين في الأيام القليلة المقبلة.

وأشار إلى أنَّ "هيئة الإعلام والاتصالات أكدت أهمية تجنب المعلومات المضللة في أكثر من مناسبة، والتي تسبب ارتفاعاً في أسعار الصرف، تلك المعلومات التي يجب معالجتها من قبل السلطات الحكومية لدحضها ومحاسبة كل من يروّج للمعلومات الخاطئة التي تسبب ارتفاع سعر الصرف".

من جانبه، أشار البروفيسور والمحلل في الشأن الاقتصادي، الدكتور جعفر علوش في حديث خاص لـ"الصباح"، إلى أنَّ "القراءة الخاطئة لزيارات مسؤولي الخزانة هي التي تعطي انطباعات عامة بعدم تحقق الامتثال للمعايير الدولية، وبالتالي تخلق توقعات تشاؤمية تساعد على رفع سعر صرف الدولار، بينما بيانات البنك المركزي الموضحة لسياساته تؤكد السير وفق تلك

 المعايير".

وعدّ علوش الارتفاع غير المستقر في سعر الصرف "ارتفاعاً غير مبَرّر اقتصادياً، لكنه مرتبط بكثرة واتساع حجم المبادلات الداخلية بعملة الدولار، يدعمه تزايد أنواع وحجم السلع المستوردة التي يتم تمويلها دولارياً"، وبيّن أنَّ "الطلب على الدولار متعدد المنافذ ويعتمد على حجم المعاملات (التي تشكل طلباً متنامياً)، إذ يتناسب ارتفاع سعر صرف الدولار طردياً مع حجم التعامل الداخلي فيه، ومع وجود مصدر واحد فقط لعرض الدولار هو البنك المركزي (نافذة بيع العملة) ومن خلال وساطات المصارف التجارية التي تمول تلك المبادلات خصوصاً التجارة الخارجية؛ مقابل محدودية هذا العرض، فإنَّ المشكلة تبقى قائمة بشكل فجوة حقيقية بين طلب المعاملات الدولارية المتزايد ومحدودية العرض"، وأشار إلى أنه "هنا تكمن خطورة تخفيض سعر الصرف من قبل البنك المركزي وفقدان جدواه ما لم يتم تقنين وسائل تمويل التجارة وتقليل حجم المبادلات الدولارية المحلية".

وفي ما يتعلق بزيارات مسؤولي الخزانة الأميركية المتكررة إلى بغداد، بيّن علوش أنَّ "تلك الزيارات تأتي للتأكد من تطبيق تلك المعايير الدولية، كما أنها أيضاً زيارات دورية تحدث منذ أمد طويل، وهناك علاقات مالية تربط البنك المركزي العراقي مع الاحتياطي الفيدرالي والخزانة الأميركيين، وتعقد اجتماعات دورية اعتيادية بين الطرفين لمراجعة كثير من القضايا". 

وأوضح أنه "في هذه الأيام يتم استغلال زيارات المسؤولين الأميركيين إلى بغداد إعلامياً لضخ المزيد من دفعات التشاؤم التي تتجه صوب خلق مناخ داعم لعدم استقرار سعر صرف الدولار، علماً أنَّ هذا الارتفاع أصبح مورداً مالياً للكثير من المضاربين، وقسم منهم متحكم بسوق الصرف الموازي، لأنَّ المتاجرة بالدولار توسعت قاعدتها، وهذا التوسع يرتب صعوبات إضافية أمام السلطات النقدية والبنك المركزي في السيطرة على ردم فجوة السعر الموازي مع السعر الرسمي".


 تحرير: محمد الأنصاري