الوضوح في قضيَّة كركوك

آراء 2023/09/19
...

 جواد العطار 


الذي حدث في مدينة كركوك قلب العراق خلال الإسبوع الماضي يثير العديد من علامات التعجّب والاستفهام، من قبيل: هل الوضع هشٌ إلى هذه الدرجة بمدينة المكونات المتعددة؟ هل التعايش مفقودٌ حتى تتناحر المكونات على فتح مقرٍ حزبيٍّ ويهدد الأمن والسلم المجتمعي؟ هل فتح المقر كان ضمن اتفاقٍ مخفٍ لا تعلم به جماهير المدينة؟ وهل له علاقة باتفاق تشكيل الحكومة الحاليَّة التي يقودها الإطار التنسيقي؟. أسئلةٌ كثيرةٌ تتفجر بين الحين والآخر، ماذا يفعل الساسة؟ وهل إدارة الأمور بهذه الطريقة سليمةٌ وصحيحةٌ وتخدم الوطن والمواطن. 

لا خلاف أن المسافة بين المواطن والساسة تتباعد يومًا بعد آخر، وسابقا كانت تتقارب في مواقيت الانتخابات بإطلاق الوعود وحركة الساسة المكوكيَّة الدؤوبة بين الجمهور لكسب ودهم وأصواتهم، وهي ظاهرةٌ صحيَّةٌ في العمليَّة الديمقراطيَّة، لكنها ومع الأسف كانت تنتهي بمجرد إغلاق صناديق الاقتراع... ما أفقد الجمهور الثقة بالساسة والسياسيين والعمليَّة السياسيَّة وجدواها، خصوصًا بعد أن اتجهت الأحزاب والقوى السياسيَّة الفاعلة من جميع المكونات مؤخرا إلى صياغة قانونٍ انتخابيٍّ على مقاسها يضمن لها النجاح في كل الأحوال، مع إجراءاتٍ تستجيب لرغباتها، بشكل أصبح فيه الأمر واضحًا بأن القضية ليست مهنيَّةً بل سياسيَّةً بامتيازٍ ليست لها علاقةٌ بالانتخابات والديمقراطيَّة ولا حتى بالناخب.

إنَّ ما يجري يفتقد إلى الشفافيَّة والوضوح أولًا؛ فالساسة يدبرون والجمهور لا يعلم شيئًا. والعمل ثانيًا؛ أصبح تحت الطاولة وفي ميزان الاتفاقات الخفيَّة وغير المعلنة، والتي تفاجئ الجميع، حتى مؤيدي الأحزاب نفسها وقيادات الخط الثاني ضمنها. وثالثا؛ ما زال الساسة لا يبالون بردود الافعال مهما كانت من الجمهور، حتى لو أُريقت الدماء وهددت مصالح ومعايش الناس واقتطعت أجزاءٌ من البلد، مثل ميناء خور عبد الله... ما هكذا تورد الإبل أيَّها السادة! وما هكذا تساس الرعيَّة أيَّها الساسة!.

إنَّ تقديم مصلحة العراق على غيرها من المصالح الضيقة أولًا؛ والإعلان عن كلَّ اتفاقٍ مهما كانت بنوده قبل توقيعه ثانيًّا؛ أمام الرأي العام وعبر وسائل الإعلام. وكشف المستور في كل قضيَّة خلافيَّة والتحلّي بالشجاعة من القابضين على الأمور بتحمّل المسؤوليَّة التاريخيَّة أمام المواطن ثالثًّا؛. هو الطريق السليم والصحِّيح لمنع تفجر الوضع في كركوك أو سواها من مدنٍ وأراضي البلاد مستقبلا.