الأولمبي ... ما بعد التأهل

الرياضة 2023/09/19
...

خالد جاسم
في عز آب اللاهب وفي قلب التلظي بسياط جمرة القيظ عشنا قبل أيام أمسية عذبة معبأة بنسمات منعشة وجميلة، بعثها إلينا على جناح المحبة من الكويت نجوم منتخبنا الأولمبي الذين عشنا معهم تفاصيل فرح غامر وحكاية انتصار كروي كبير، ليس من السهل تحقيقه والظفر به لو عقدنا مقارنة واقعية مبسطة بين ظروف منتخبنا الأولمبي، وواقع حال الفريق الكويتي في عوامل عديدة كانت جميعا تقف بالضد من منتخبنا وتصطف في الوقت ذاته مع الأشقاء، ونحن نتبارز كرويا معهم في ليلة الحسم الأخيرة لصراع ساخن على بطاقة التأهل الأولى عن المجموعة السادسة لتصفيات آسيا المؤهلة إلى النهائيات الأولمبية التي ستقام في باريس صيف العام 2024 . 

وعندما نشير إلى تلك الحقيقة، نبهنا وركزنا قبل مدة وجيزة على ضرورة ركن الخلافات والاختلافات في وجهات النظر جانبا والارتقاء في الفكر والتفكير إلى مستوى حب الوطن وتحشيد الدعم والمساندة لفرقنا ومنتخباتنا الوطنية، وهي تتبارى في الخارج أو عندما تكون على أعتاب الدفاع عن السمعة ورفع راية العراق في هذه البطولة أو تلك , ومن هنا ناشدنا الجميع قبل أن يدشن الأولمبي مشوار التصفيات، تركيز هذا الدعم على اللاعبين والملاك التدريبي لأنهم أمام مهمة شاقة وصعبة، وليس أن ينبري البعض، وفريقنا في خضم التنافس والصراع الصعب في الكويت، نحو تقويض أساس تفوقنا وانتصارات فريقنا ومحاولات التشهير ونشر الغسيل هنا وهناك، مع أنها محاولات باءت بالفشل بعد أن استحضر لاعبونا ومعهم كل الوفد روح التحدي والعزم على تحقيق التفوق , وهو ما حدث بالفعل عندما سجلنا التفوق الباهرعلى خصومنا بمن فيهم أصحاب الأرض، لأن قيمة التعادل معهم تعادل فرحة الفوز وتتويج رحلة التصفيات الصعبة بنجاح له نكهة التحدي ولون البطولة الحقيقية ورائحة مسك التفوق، مع أن المنافس كان يمتلك كل المقومات التي تؤهله إلى التفوق، ومنها الأرض والجمهور وإعداده المثالي الذي ابتدأ منذ أكثر من سنة، كما كانت خشيتنا كبيرة من التحكيم في المواجهة معه، لكن كل تلك الرهانات قهرها لاعبونا بأداء رفيع المستوى وفق ترتيبات تكتيكية ذكية ومعالجات حكيمة من المدرب راضي شنيشل، فجاءت النتيجة منسجمة تماما مع مجريات اللعب والتفوق الصريح الذي حققه منتخبنا الأولمبي، فحصد التأهل واستحق التهنئة من كل العراقيين ومباركتهم هذا النجاح الكروي الكبير . 

وهنا ومع تحقيق الانتصار وإنجاز المهمة على أكمل وجه، ومع وجود مسافة زمنية مناسبة جدا للتحضير والتهيئة لنهائيات التصفيات الأولمبية للقارة الصفراء، أجد لزاما على اتحاد الكرة والملاك التدريبي للمنتخب الأولمبي استثمار ما تحقق في رحلة التصفيات، في إعادة هيكلة المنتخب واعتماد خيار الأفضل والأكفأ لاعتبارات وفوائد عديدة تعود بالإيجابيات الكاملة للكرة العراقية عموما وللمنتخب الأولمبي بشكل خاص، لاسيما أن الزمن المتبقي على استحقاق النهائيات الآسيوية سيكون كافيا بعد رسم تفاصيل الإعداد المتكامل في تهيئة منتخب أولمبي جديد بأعمار مستوفية للشروط، بعيدة جدا عن التأويلات والاتهامات ومحاولات التسقيط، بما يحقق طموح التفوق للمنتخب الأولمبي ويجعل من هذا المنتخب نواة حقيقية بالفعل للمنتخب الوطني .

نبارك ونجدد الشكر والتقدير لوفد الأولمبي، لما حققوه من نجاح كروي جديد لم يأت من فراغ، بقدر ما يشكل تتويجا حقيقيا لجهود استثنائية وكبيرة، في استحقاق كان على قدر مهم من الاستثنائية هو الآخر، وهو انتصار من الطراز الباهر الذي يستحق مباهج التكريم الحقيقي .