النفط أرخص من الكوكا كولا

اقتصادية 2023/09/20
...

وليد خالد الزيدي

حينما تأتي الأخبار بارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية تؤشر حالة انتعاش الطلب العالمي على الذهب الأسود وهو بدوره يُظهر مدى الحراك الاقتصادي والصناعي لدى الدول المستوردة له، حيث تخبرنا المعطيات بارتفاع الأسعار لتتجاوز عتبة التسعين دولاراً للبرميل بعد أن واصلت أسعار النفط صعودها في التعاملات اليومية بدعم من زيادة التوقعات بانتعاش الطلب العالمي على الخام وإذا ما استمرت حالة التصاعد هذه ربما لا نتفاجأ إذا ما وجدنا سعر البرميل يتجاوز السعر الحالي ويقترب من المئة دولار قبل نهاية العام الحالي وأن ذلك الأمر ليس رجماً بالغيب إنما هناك مؤشرات تؤكد حقيقة تصاعد الأسعار ذلك لأن الطلب عليه سوف يتزايد بنسبة أكبر مع اقتراب نهاية فصل الصيف الساخن وبداية فصل الشتاء.
وعندما تسود حالة التفاؤل التام وليس التفاؤل الحذر تجعل من أسواق النفط العالمية تتقدم خطوتين إلى الأمام مقابل تراجع خطوة واحدة إلى الخلف بين الحين والآخر وهنا تبرز أهمية الذكر في أن الكثير من الدول الصناعية الكبرى المستهلكة للنفط هي في أكثر الأحيان تكون سبباً في ارتفاع أسعار السلع العالمية لاسيما المنتجات الغذائية التي تنتجها وتصدرها إلى الدول الأخرى ذلك الارتفاع ليس موضوعياً إذ في أغلب الأحيان لا يستند ذلك على كلفة تلك المنتجات إنما على حراك طفيف في الطلب عليها من قبل البلدان التي تستورد الأغذية منها.وحتى أن خبراء غربيين يرون أن السعر الحالي لبرميل النفط مناسب للمستهلكين إذا ما قيس بأسعار بعض المواد الغذائية المصنَّعة ليبقى النفط الذي يعد رقماً صعباً في معادلة الاقتصاد العالمي وبأسعاره الحالية أو المرتفعة أرخص بكثير من من بعض المشروبات غير الضرورية كمشروب الكوكا كولا الذي يصل سعر البرميل منه إلى (150) دولاراً برغم أنه يعد من المنتجات الكمالية ولا يشكل استهلاكه مسألة حياة أو موت للإنسان وهو مادة غير ضرورية كالحاجة إلى النفط الذي يدخل في انتاج الكثير من السلع والمنتجات والحاجات المهمة للمجتمع البشري.من المهم القول إن ما يخص الواقع الاقتصادي في العراق يؤكد ضرورة استغلال ارتفاع أسعار النفط العالمية والعمل على تقليص فجوة العجز المخطط  في الموازنة الذي يقدر بحوالي(64) تريليون دينار للعام الحالي والعامين المقبلين فضلاً عن انعكاساته الإيجابية  في ما يخص زيادة العائدات المالية للبلاد لاسيما في حال استقرار أسعاره أو ارتفاعها وهي أعلى بكثير من سعر النفط المقدم في الموازنة الاتحادية للعراق والمقدر بنحو(70) دولاراً للبرميل الواحد ما يعزز الاستفادة من فارق تلك الأسعار في أمور اقتصادية متنوعة وكذلك مواجهة تقلُّب أسعار النفط ومفاجآت الطلب عليه في أسواق الطاقة كما أن تطور مراحل الأسعار سيجعل من موازنتي السنتين المقبلتين تحافظ على ثوابتها وإجراءاتها لاسيما أن هناك توقعات كبيرة بزيادة الطلب على النفط من بلدان غربية عديدة لاسيما في القارة الأوروبية لمواجهة فصل الشتاء البارد.
على العموم فإن الاقتصاد العالمي حينما يعاود الانطلاق منتعشاً ترتفع أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى أكثر مما متوقع وربما تتجاوز سقف التوقعات وتكون اتجاهاتها العامة لصالح الدول النفطية المصدرة ما يقلل من مخاطر تقلباته على مستوى المستقبل المنظور.