واقع وفرضيات

الرياضة 2023/09/21
...

علي حنون





يقيناً أنَّ آراء البعض من الذين يأسرهم ود كرة القدم الوطنية، والتي تتباين في شدتها وحدتها بصدد مشاركات فرق أنديتنا في الاستحقاقات العربية والآسيوية، هي مبنية على رؤى عاطفية تنشد من مشاركاتنا أفضل ظهور وتحقيق النتائج الإيجابية بعيداً عن حسابات الواقع الفني، التي متى ما أخذنا بها كمعايير للحضور، فإننا لن نفاجأ عندما نرى ظهوراً فقيراً ونتائج هي بعيدة عن حساباتنا المُسبقة..نعم هي كرة قدم وتعطي من يمنحها التواجد الجيد وحساباتها لا تخضع سوى لمن يفرض هيبته داخل الملعب، إلا أنَّ هذه المعايير هي أسيرة جودة الأداء وثقة العطاء، ولأننا كنقاد ومعنيين لدينا حساباتنا للحال والتي هي تستند في فحواها، على استقرائنا للواقع، الذي تُؤدي فرقنا في ساحته، فنحن نعي أنَّ أغلب مشاركاتنا أصبحت (إسقاط فرض) طالما أننا لغاية اللحظة لم نتقدم خطوة إلى الأمام على طريق رسم خارطة جديدة لتطوير العمل والأداء في منظومات أنديتنا.

وبعد أن كانت التوقعات قبيل أي مشاركة طوع تطلعاتنا، فان الأمر حالياً لم يعد كذلك نظير التطور الكبير، الذي شهدته منظومات كرة القدم في أغلب دول القارة الصفراء وكذلك في عينة من الدول العربية، ولاسيما في السعودية ومصر ودول المغرب العربي، مع بقاء منظومتنا على حالها..ولأنَّ فلسفة العمل جامدة في أنديتنا، التي تُعاني كثيراً في الجوانب الإدارية والفنية، فانه أمسى من الطبيعي أن تصل الآثار السلبية إلى المنتخبات الوطنية، التي طالها سوء حال أغلب لاعبينا، الذين وبلا ريب لا يتحملون تلك التداعيات لأنهم ومع وجود الإمكانات الفنية الفردية فإنهم لا يجدون حلقات الرعاية المطلوبة، التي هي من أساسيات تطويع القدرات المهارية للاعب، والتي يجدها العراقي المُحترف حاضرة ومُتوفرة.

إنَّ على الذين يلومون فرقنا في ظهورها المتواضع في البطولات الخارجية، الاحتكام - استهلالاً - إلى الإنصاف قبل الحكم وتسويق الآراء القاسية، لأنهم يُحمّلون اللاعبين وحدهم وزر سوء المنظومة بكافة مفاصلها، ومعلوم أنَّ اللاعبين هم غرس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والحالة العامة في البلد قبل أن يكونوا ثماراً للحالة الفنية، وهنا أيضاً لا يصح المقارنة بين اللاعب المتواجد في المسابقة الوطنية وبين زميله المحترف، ولنقل ليس من الموضوعية أن نضع لاعبين من الطرفين في كفتين لنقف على إيجابية أحدهما، طالما أن بيئة المقارنة ليست واحدة وثقل كفة على أخرى لا يعكس بالضرورة جودة اللاعب وتصح المقارنة عندما تُجرى بين لاعبين من ذات البيئة ونفس المسابقة ويتلقون ذات الدعم ويعانون نفس المشاكل عندها تكون المقارنة منصفة وعادلة.

وعلينا عندما نقف على أداء فرقنا في البطولات القارية والعربية، أن نترك مساحة مناسبة متاحة لتشييد الأعذار الواقعية، حتى تكون المهنية هي من تقود وتُسند حكمنا وهي من يضع الأسس المتينة لمعايير التقييم، فالأمر الأهم في هذا السياق هو أن نرى المسألة بعين واقع الحال وليس بمنظور التطلعات، التي نُؤسسها على فرضيات مكنونها وإطارها العام مُغلفان بالعاطفة والرغبات في إصابة التفوق دون أن نعي حقيقة وضعنا سواء العام أو الخاص.