أصدقاء السوء ...خطر يهدد حياة أسر بأكملها

اسرة ومجتمع 2019/05/07
...

 منى محمد زيارة
اصدقاء السوء اصبحوا مشكلة تعاني منها الاسر بمختلف طبقاتها الاقتصادية والاجتماعية، فهذه الظاهرة لا تفرق بين غني وفقير او بين متعلم وجاهل متواجدة وتزداد انتشارا مع تقادم السنين، هي حقيقة لابد من ان الكثير يعرفها او سمع بها او عاشها لكنه يتجنب الخوض فيها حتى لا يتعرض للإيلام او الشك بقدراته على تربية ابنائه.
 
عالم جديد
فما ان يدخل الطفل الحضانة او الروضة او حتى المدرسة يبدأ التعرف على عالم جديد يجده غريبا للوهلة الاولى حيث ستصطدم ثقافة البيت مع ثقافة المدرسة، خاصة اذا كان وحيدا لأهله لا يعرف ان هنالك اطفالا بعمره لديهم طباع وعادات تختلف عنه، عالم قد لا يتقبله للمرة الاولى لكن مع مرور الوقت يجد نفسه يــُنــجذب اليه فيتعلم الجيد والسيئ، المفيد والضار، المهم وغير المهم، قد يجد الطفل تضاربا كثيرا، في ما يتعلمه في البيت وما يتعلمه في الحضانة او المدرسة، هنا يبدأ التخبط، فصغر سنه يجعله لا يفرق بين الصح والخطأ، فيتخذ الاصدقاء بمختلف طبقاتهم واخلاقهم عندها يكتسب الصفات التي قد تستمر معه الى آخر العمر، قد تكون سببا في نجاحه او تحطيمه، اذا ما تداركت اسرته الامر، فمثلا قد يتعلم اولى الشتائم والسباب تليها الشجارات العنيفة ومحاولة فرض الآراء الخاطئة حتى لو استدعى الامر القوة المفرطة، هم في هذا العمر قد لا يعرفون ان ما يقومون به هو خاطئ وبالطبع تتطور هذه الاساليب لتكون اعنف واشرس مع وصوله الى مراحل متقدمة من الدراسة، قد يحاول الاباء والامهات والمشرفون عليه ان يتدخلوا من خلال افهامه ان هذه التصرفات غير سوية و لا تليق به كطالب علم او كانسان وقد يصيبون او يخيبون وكل هذا يعتمد على طريقة معالجة المشكلة .
قد يفاجأ الأب او الام ان هنالك تغييراً ملحوظاً على الابن او الابنة في التصرفات والسلوك العام كالكذب او المماطلة حين سؤالهما عن شيء ما او التلفظ بألفاظ لم يتعودا منه سماعها، هذه قد تبدو للبعض علامات لا تدعو للقلق لكنهم مع تطور مراحلهم العمرية لتؤدي الى اكتساب وتعلم عادات لم يطرأ على تفكير  كلا الوالدين ان احدا من اولادهم قد يقوم بها منها السرقة تبدا اولا داخل الصف المدرسي واذا لم يتم اكتشافهم سيلجؤون  الى ممارسة هذه العادة الشنيعة داخل البيت عندها سيشعران بالحزن والالم ان هنالك خللا في تربيتهما، البعض سيقول سيتعلم عندما يكبر وهذا للأسف هو الشائع بينما يلجأ البعض الاخر الى محاولة البحث عن السبب والمسبب وراء ما حدث .
 
حرية مطلقة
يقول احد اولياء امور الطلبة تفاجأت خلال الاجتماع الذي دعت اليه ادارة المدرسة التي يدرس فيها اولادي ان احدهم متغيب منذ اكثر من أسبوعين والسبب هو اكتشاف احد المدرسين ان ولده كان دائم التغيب عن درسه وعندما حاول نصحه ثار عليه وبدأ باستخدام الشتائم، حتى وصل الامر الى الاشتباك بالايدي مما حدا بالإدارة الى فصله وارفاق خطاب لولي امره بالحضور وبالطبع خطاب المدرسة لم يصلني حسب قول الاب، وبعد الحاح الاب لمعرفة هذا التحول المفاجئ لولده قال له مدير المدرسة ان السبب الرئيس هو مرافقته عددا من المراهقين المعروفين بالانحلال الاخلاقي، اضافة الى ولعهم بتناول المواد المخدرة، جن جنون الاب الذي اصابه الذهول من هول ما سمع، وقتها شعر  بخيبة الامل جراء منحه الحرية المطلقة لولده دون حسيب او رقيب، حتى عندما كانت والدته تطلب منه ان يكون حازما معه كان يرد عليها بعصبية غير مبررة لا استطيع الضغط عليه حتى لا ينحرف، والنتيجة الانحراف بالتأكيد .
 
شبكة الانترنت
والدة احدى الفتيات قالت: منذ ان انفصلت عن زوجي حاولت التقرب الى ابنتي الوحيدة لتعويضها غياب الاب، لكنني للأسف فشلت لان طريقتي لم تكن تجدي نفعا معها لانها ازدادت عنادا وتعنتا لذلك تركتها خاصة ان انشغالي بعملي جعلني لا اهتم كثيرا بها، حتى عرفت من احدى قريباتي انها  تتصفح مواقع غير اخلاقية عبر شبكة الانترنت خلال زيارتها لهم وعندما حاولت قريبتها سؤالها عن الشخص الذي علمها كيفية الدخول لهذه المواقع قالت لها ان صديقتها في المدرسة علمتها هذا، الام لم تعترف بتقصيرها بل تصرفت بطريقة غير حضارية بضرب ابنتها وكسر احدى يديها مما ادى الى هروب البنت وانهيار الأم.
وهناك الكثير الكثير من المشاكل التي قد يتعرض لها الابناء بمختلف اعمارهم  نتيجة رفقتهم لأصدقاء السوء في حال لم يدرك اولياء الامور اهمية تعريف الطفل ومنذ بداية ادراكه على ما يمكن ان يتعرض له خلال مراحل نموه، فهناك من ادمن المخدرات وذاك الذي اصبح عضوا في عصابة لسرقة السيارات وآخر اتخذ من الخطف وسيلة لكسب عيشه ....الخ.
 
هوايات وألعاب
يجمع علماء الاجتماع ان افضل الطرق لمنع حصول كل ما ذكر آنفاً هو ضرورة ان يتشارك كل من الام والاب في تربية طفلهما وان لا يتهرب أي منهما من مسؤولياته بحجة العمل والانشغال،  وتكون البداية منذ مراحله العمرية الاولى وان يحاولا استخدام لغة مناسبة له يفهمها فلكل مرحلة لغة خاصة بها واذا لاحظا انها لا تجدي نفعا يحاولان استبدالها بأخرى او استشارة المرشد الاجتماعي في الروضة او المدرسة والاطلاع على اخر الاصدارات الخاصة بتربية الاطفال، كذلك محاولة فهم نفسية طفلهما وهذا يظهر جلياً من خلال تصرفاته،ثم تعريفه بالخطأ والصواب وكيفية ان يميز بينهما وكيفية اختيار اصدقائه من خلال الزيارة المستمرة  لمكان تواجده ومعرفة من هم زملاؤه حتى لو اقتضى الامر بهما لقضاء يوم كامل معه للتعرف عن كثب على من يرافقهم ويقضي اغلب وقته معهم  وسيكون من الافضل التعرف على اولياء امور اصدقائه للتداول معهم حول أي مشكلة قد يتعرض لها اولادهم، عندها سيكون واضحاً امامهما حجر الاساس الذي سيربيان طفلهما عليه .  عليهم ايضا ان يعرفا ان  طفلهما يحب أن يختار أصدقاءه الذين يشاركونه الهوايات والألعاب نفسها وهنا يأتي دورهم في تعليمه التحدث عن كل ما يجري بينه و اصدقائه لمعالجة أي خلل ومنذ البداية لان ما يكتسبه في الصغر سيبقى معه ان كان خيرا فهو خير وان كان شرا فهو شر .