تدوير النفايات من أجل بيئةٍ نظيفة

آراء 2023/09/26
...

عباس الصباغ

اذا كان مفهوم تدوير النفايات في ابسط مدلولاته: (التخلص من النفايات بإعادة تدويرها لاستخدامها مرة أخرى أو بإتباع طرائق سليمة لدفنها والتخلص منها للحفاظ على التوازن البيئى وإعادة تصنيع واستخدام المخلفات، سواء المنزليَّة أم الصناعيَّة أم الزراعيَّة، وذلك لتقليل تأثير هذه المخلفات وتراكمها على البيئة)، وتتم هذه العملية عن طريق تصنيف وفصل المخلفات على أساس المواد الخام الموجودة بها، ثم إعادة تصنيع كل مادةٍ على حدة لتتحول إلى منتجات قابلة للاستخدام وتعرف علميا بـ(الرسكلة)، فالعراق أولى من غيره بهذه العمليَّة التي من فوائدها الحفاظ على البيئة، وتقليل الاعتماد على المواد الأولية لإنتاج المنتجات الجديدة، مما ينتج عنه تقليل التكاليف على المنتجين، باعتبار أن أسعار المواد المنتجة من إعادة التدوير، هي أقلُّ بكثير من أسعار المواد الأولية الطبيعية، وتوفر فرص العمل للناس لا سيما العاطلين عن العمل، والاهم من كل ذلك هو المحافظة على البيئة ونظافتها، خاصة كون العراق يمر بظرفٍ مناخي صعب مع كثرة رمي النفايات، خاصة في العشوائيّات والتجاوزات، التي انتشرت بكثرةٍ بعد التغيير النيساني والذي رافقه نقص واضح في تقديم الخدمات اللازمة لتنظيف المدن وتلكؤ المعنيين بالتنظيف في ممارسة عملهم، فالكثير من الشوارع والساحات تحولت إلى مكبّات للنفايات خشية تفشي الأمراض الانتقاليَّة جراء ذلك، وفي العراق يوجد الكثير من مواقع الطمر التي توصف مجازة صحيًّا مركونة بين الأزقة والأحياء السكنية تعلوها الأتربة والحشرات، فالنفايات تدفن عشوائيا في مناطق موبوءة إلى أن تتحلل بعد فترات طويلة وقد تتعرض للنبش.
بالرغم من الأهمية البيئية الكبيرة لمشاريع التدوير والجدوى الاقتصاديَّة الواضحة لها، إلّا أنها لم تسلط عليها الأضواء الإعلامية الكافية أو تنل الاهتمام الرسمي الكافي، وهي ليست كثيرة لكنها لا تفي بالغرض على الصعيد الوطني، كالمشروع العملاق ـ كما ورد الخبر في موقع نون الخبري التابع للعتبة الحسينية المقدسة ـ الذي اعلنت عن تنفيذه بلدية كربلاء لتدوير النفايات على مساحة (400) دونم منها (200) دونم للطمر الصحي و(200) دونم أخرى لإنشاء مشروع تدوير النفايات، يسهم في تحويل النفايات السلبية إلى طاقةٍ كهربائيَّةٍ وموادَ أوليَّة تدخل في مختلف الصناعات، ويحافظ على البيئة ويحقق موارد مالية، إضافة إلى تحويل النفايات بعد عزلها وفرزها إلى مصدرٍ للطاقة والأسمدة العضويَّة والمواد الأوليَّة للبلاستيك والمعادن والورق، وسيتم عزلها من خلال تنفيذ المشروع بالاتفاق مع إحدى الشركات المختصة.
 ورغم أن هنالك مشاريع كثيرة للتدوير، إلا أنّها مهملةٌ اقتصاديًّا وإعلاميا، المعروف بحسب التقارير البيئيَّة المختصة أن العراق ينتج حوالي 30 الف طن من النفايات الصلبة يوميا، والمخلفات الطبيَّة وجزء كبير منها في العاصمة بغداد، لكنها تتعرض للطمر العشوائي وتعرّض الناس للأوبئة أو للحرق في أسوأ الحالات ما يعرّضهم للغازات الضارة وتلويث البيئة بالأبخرة السامة.
بما أن البرنامج الذي طرحته حكومة السيد السوداني، هو برنامجٌ خدميٌّ، لذا يجب أن تهتم الأجهزة المعنية بملف البيئة والمحافظة عليها، بكونها جزءًا خدميًّا متممًا للبرنامج الحكومي «الخدماتي».