خالد جاسم
لو كانت دول العالم المتقدمة منها أو تلك المصنفة في خانة التخلف تتعاطى مع اتحاداتها الكروية بمثل تلك النظرة البعيدة عن المنطق التي تعامل بها اتحادنا الكروي مع أهم مسابقة محلية وهي بطولة الدوري لربما أدى الأمر إلى تداعيات وأحداث تقترب من إعلان الحداد العام وتشييع كرة القدم في تلك البلدان إلى مثواها الأخير , ذلك أن بطولة مهمة وكبيرة مثل بطولة الدوري تكاد تكون العمود الفقري للعبة والمرآة العاكسة لكرة القدم كما أن هذه المسابقة هي موطن المتعة وخيط العلاقة بين الجمهور واللعبة .
ومن هنا فإن التسريبات التي تتحدث حول عزم اتحاد كرة القدم بتجديد مسابقة الدوري في الموسم المقبل بنصاب يعتمد مسمى دوري المحترفين , ليعكس حالة من التعاطي غير الصحيح مع المسابقة الأهم والأكبر وهو أمر أثار ردود أفعال سلبية ومؤذية في الشارع الكروي بمختلف أطرافه بالنظر لما ينطوي عليه من آثار ونتائج لاتخدم اللعبة على المدى المنظور كما يُسهم في تصدُّع صورة الدوري الزاهية سيما بعد أن بلغت منافساته في الموسم الأخير برغم التوقفات والتأجيلات وتمديد زمن الدوري درجة متقدمة من الإثارة والقوة والمتعة في التنافس مما عزز الانجذاب الجماهيري نحو ملاعب الكرة , وكل هذه العوامل بالتأكيد تثير موجة من الاستياء والسخط الذي من المؤكد لايرغب به اتحاد الكرة حتى إن كانت المسوِّغات أو التبريرات التي تقف وراء العزم على خصخصة الدوري هي مصلحة المنتخبات الوطنية ومصالح الأندية , لأننا لو سلمنا جدلاً بصوابية تلك التبريرات على المدى الآني أو المرحلي لاكتشفنا أن نتائجها ضارة ومؤذية على المستويين الآني والمتوسط والبعيد طالما نحن نفتقد في الأصل ومن الأساس للبيئة الاحترافية الصحيحة ونفتقر إلى أبسط مقومات وضع الدوري على السكة الاحترافية , وليس هناك اتحاد كروي في العالم يخرج في كل موسم بموديل وتصميم مختلف لأهم بطولاته وأكثر مفردات منهاجه السنوي خطورة وأهمية لأجل عيون منتخبه الوطني أو الشبابي أو الأولمبي أو مداراة خواطر هذا النادي أو ذاك , وكان حرياً باتحاد اللعبة الاجتماع بالمعنيين من خبراء ومدربين وممثلي الأندية بغية التوصل إلى قناعات تخدم الدوري وتؤمن له سبل الظهور في الموسم القادم في أفضل صورة تعتمد النوعية الفنية وليس الكثرة العددية التي تطيح بهيبته وتكون لها انعكاسات ونتائج ضارة على اللعبة كلها . . وبرغم أن اتحاد الكرة ونحن مدركون لجسامة مسؤولياته وصعوبة توفيقه بين كل الأطراف ربما لم يتوصل إلى صيغة اتفاق نهائية حول الأسلوب والنظام الذي ستجري بموجبه مسابقة الدوري الممتاز في الموسم المقبل , كما هو حريص على منح بطولة الكأس ماتستحق من اهتمام في ضوء تجربة الموسم الحالي لتكون لها هيبتها المطلوبة في الموسم الجديد, فهو مطالب بإعادة النظر في هذا الملف على جناح الدراسة الموضوعية المتجردة خدمة للعبة ومساراتها المستقبلية وحفاظاً على صورة مسابقة الدوري وبالإمكان اللجوء إلى تدابير أو خيارات بديلة إذا كانت الضرورة تحتم مثل هذا التغيير الذي يجب أن يكون في خدمة اللعبة أولاً وأخيراً .