بيروت: جبار عودة الخطاط
صعوبة بالغة يلمسها الموفد القطري في مسعاه لمحاولة تدوير الزوايا الحادة والمعقدة لأزمة الرئاسة في لبنان، فالشيخ جاسم بن فهد آل ثاني وجد أنَّ حظوظ مبادرته لا تختلف في مآلاتها المسدودة عن مبادرة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان في بيروت، في ظل حالة العقم السياسي وانقسام الساسة إلى معسكرين متناقضين، وبرغم تباين فحوى المبادرتين إلا أنهما اصطدما بجدار اللاتوافق والذي فرض بصمته الكثيفة على المشهدية في لبنان.
فالشيخ جاسم أو (أبو فهد) خرج بعد محصلة لقاءاته مع رئيس التيار العوني جبران باسيل ومع زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ومع كل من المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل بما يقترب من القناعة بصعوبة المهمة المكلف بها بشكل مباشر من قبل أمير قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني، فوفقاً للتسريبات التي حصلت عليهاالصباحأمس الثلاثاء فأن الموفد القطري يركز في مسعاه على طرح الخيار الرئاسي الثالث بعيداً عن حالة الانسداد التي أفرزتها عملية ترشيح كل من سليمان فرنجية وجهاد أزعور وتعذر الفريقين في فرض مرشحيهما في غياب الأغلبية النيابية لتسجيل الأرجحية المفقودة جراء الخريطة البرلمانية الغريبة! وهذا الطرح يجابه بسهام رفض متعددة الشُعب، فالثنائي الشيعي مازال حتى الآن متمسكاً بترشيح فرنجية في حين يبدي الوزير السابق باسيل امتعاض العونيين من محاولة ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، و كما هو معلن في الكواليس السياسية فأن قائد الجيش بات أقرب الى دعم دول اللقاء الخماسي المعنية بالشأن اللبناني فيبدو أن الرياض لا اعتراض لديها على ترشيح عون إن حظي الأخير بتوافق داخلي وخارجي فيما تشير آخر المعلومات إلى أنَّ فرنسا قد تخلت كما يبدو عن معادلة فرنجية- نواف سلام بعد أن لمست صعوبة تمرير ذلك وبدأت تسير في مسألة الخيار الثالث، وهو ما يعقد مسعى الشيخ جاسم في خضم الاشتباك السياسي في لبنان، وفي جديد المعلومات فإن اللجنة الخماسية المؤلفة من ممثلي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر قد تلتئم في اجتماع لها في الرياض في غضون الأيام العشرة المقبلة للاطلاع على آخر مخرجات الملف الرئاسي في لبنان، وفي الأثناء أشار النائب أنطوان حبشي أنه "لا يرى في الأفق اليوم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وذلك لسببين، الأول أنَّ الثنائي الشيعي يتمسك بمرشحه، والسبب الثاني هو مسؤولية رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي له الحق بأن يكون لديه موقف سياسي، ولكن بالمقابل يجب عليه أن يقوم بدوره بالمحافظة على دور مجلس النواب الذي من مهامه الأساسية والجوهرية انتخاب رئيس للجمهورية" كما عبر ذلك، واعتبر أنَّ "إفقاد النصاب بهذا الشكل هو دليل على انه لا يريد أن يتم هذا الانتخاب. وبما انه عرف أنَّ الحوار الذي يطلبونه لن يؤدي إلى أي نتيجة، إذاً عليه الذهاب الى عقد جلسة مفتوحة مع دورات متتالية مما سيوصلنا بكل تأكيد إلى انتخاب رئيس" على حد تعبيره، بدوره أفاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأنه " لا يوجد جديد في ملف الرئاسة لأبشركم به وعلينا متابعة الجهود التي تبذل في هذا الصدد". ورأى أنَّ "فرصة انتخاب الرئيس ضُيعت بالنكد وأضعنا وقتاً والوفد القطري ما زال يبذل جهوداً والحوار بين الحزب والتيار ما زال قائماً ولا يوجد جديد في الأمر". وأضاف نصر الله في شأن لا يقل سخونة عن الملف الرئاسي وهو ملف ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة بقوله: "استخدام مصطلح ترسيم حدود لبنان البرية مع فلسطين المحتلة خاطئ لأن الحدود مرسّمة"، موضحاً أنَّ " الوساطة ستركز على منطقة شمال الغجر لأنهم يريدون حل مسألة الخيمتين وبكل الأحوال هذه مسؤولية الدولة اللبنانية".
وأضاف، "ملف الحدود البرية لدى الدولة اللبنانية ومسؤولو الدولة هم المعنيون بهذا الأمر ولا يصح الربط بين الملف الرئاسي والحدود البرية"، مشدداً على أنَّ " حقنا في المياه كما حقنا في الأرض نأخذه كاملاً ولا نساوم عليه في ملفات أخرى". وقال: "أي خطوة تسهم في تحرير الأرض المقاومة حاضرة لمساندة الدولة اللبنانية في تحقيقها".