علي حسن الفواز
لا تكشف مؤشرات الحرب الروسية الأوكرانية عن أيّ أفقٍ قريب لحلها، وإن الطرفين يواصلان التصعيد، وزيادة زخم المواجهات ومفارقاتها، وتأمين مصادر ديمومتها السياسية واللوجستية والعسكرية، فضلاً عن الدعم الذي تعمد إليه سياسات الغرب في دفعهما إلى الخيار العسكري، وإلى فرض سلطة " الانتصار" بين الطرفين، رغم أنَّ معادلة الحرب تميل إلى خيارات روسيا في فرض شروطها العسكرية على الأرض، والسياسية في صراعها المفتوح مع الغرب.. ولعل ما ورد في تصريحات جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، يؤكد هذا النزوع، فالاتحاد الأوروبي يعمل على تقديم المزيد من المساعدات والالتزامات طويلة الأمد إلى أوكرانيا، فضلاً عن التغويل في خطاب التصعيد العسكري للرئيس الأوكراني زيلنسكي، ووزير دفاعه الجديد عمروف الذي تحولت تصريحاته إلى إعلان حرب دائمة في أوكرانيا.
لقد اتخذت خيارات هذه الحرب أبعاداً أخرى، وتوجّهات جعلت من الولايات المتحدة والغرب يتخذان أقصى المواقف، وأقصى العقوبات التي تزيد من خطورة تلك الحرب الدائمة والمفتوحة ضد روسيا، وباتجاه تحويل ميدان الصراع إلى اختبار للعسكرة وللأسلحة الفتاكة، بما فيها الممنوعة دولياً، فقيام بريطانيا بتزويد أوكرانيا بقاذفات مدفعية مزودة باليورانيوم يعدُّ خرقاً لقواعد الصراع، كما أنَّ احتمال تزويد فرنسا سلاح الجو الأوكراني بمقاتلات ميراج 2000 س، يمثل تصعيداً آخر يدفع بخيارات الحرب إلى التعقيد، وهو ما يلقى تصعيداً أشد عنفاً من الجانب الروسي، من خلال تصريحات الرئيس بوتين الذي لفت في حديثه الأخير عن رغبة مواطني المدن التي استولت عليها روسيا بالاندماج مع روسيا، وأن هناك سياسة جديدة تقوم على "تجديد وتنمية اجتماعية واقتصادية في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو"، فضلاً عن تصريحات ديمتري مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، التي قال فيها: إنَّ روسيا ستسيطر على مزيد من الأراضي الأوكرانية، وإنَّ العملية العسكرية الخاصة ستستمر حتى تحقيق النصر، وهذا ما يجعل سياسة الحرب هي الأفق الذي يذهب إليه الجميع، بعيداً عن حسابات " الربح والخسارة" والركون إلى عقلانية الحوار المتوازن، والحلول التي تعالج "المخفي من الأمور" وإبعاد النزعات المتطرفة التي تغذيها سياسات الغرب الدافعة إلى مزيد من صناعة الأزمات، ومن فرض العقوبات على روسيا التي باتت تمارس عناداً سياسياً واقتصادياً يجعلها أكثر استعداداً لمواجهة حروب الأرض والجغرافيا والايديولوجيا.