النواب الأميركيون يعزلون رئيس مجلسهم

قضايا عربية ودولية 2023/10/05
...

علي حسن الفواز



تصويت مجلس النواب الأميركي على عزل رئيسه الجمهوري كيفين مكارثي يُعد خطوة جريئة وغريبة، ومثيرة للجدل، وربما ستكون باعثة على مزيد من الانقسام داخل مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة.

تمّ التصويت على قرار العزل والتنحية بعد أن قدّم النائب الجمهوري مات غيتس طلبا بهذا الإجراء، وحصل على موافقة 216 نائبا أغلبهم من الجمهوريين، لكن الأكثر إثارة في هذا الموضوع يكمن في تناقض توزّع الأصوات خلال اجتماع العزل، فأغلب الديمقراطيين لم يصوتوا على القرار، كما أن خفايا القرار ليست بعيدة عن تأثيرات الرئيس السابق ترامب، لأن النائب "غيتس" معروف بسياسته المحافظة، وكونه من النواب الذين يمثلون الجناح "الترامبي" في الحزب الجمهوري، وهو ما يعني إطلاقَ مزيدٍ من السجال حول فرص عودة ترامب المحتملة إلى الرئاسة في الانتخابات المقبلة، والتي تواجه كثيرا من التعقيدات، لاسيما بعد إجراءات محاكمته الأخيرة.

هذا الحدث يكشف - من جانب آخر- عن فراغ دستوري في المؤسسة التشريعية الأميركية، وعن أزمة الاتفاق على رئيس جديد لمجلس النواب، وهو ما سيدفع إلى مزيد من الانشقاق والخلاف حول الاستعدادات الانتخابية، وحول طبيعة التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة، لاسيما في مجالات التمويلات، وفي مواجهة أزمة التصويت على الميزانية في الكونغرس، برغم المطالبة بدعم وتمويل عمل الحكومة، كي لا تتعرّض برامجها الستراتيجية والخدماتية وحتى العسكرية إلى مشاكل تمويل عميقة.

ربط قرار العزل بالخلاف حول الصلاحيات والإجراءات التي تخص رئاسة مجلس النواب، يعني وجود صراعات، وتنافسات وخلافات كبيرة، ليس بين الحزبين التقليديين فحسب، بل داخل منظومات الأحزاب ذاتها، فبقطع النظر عن تأثير ذلك في المسار الانتخابي، فإن الصراع داخل الحزب الجمهوري سينعكس على اختيار المرشح الرئاسي، كما أن الصراع داخل الحزب الديمقراطي سيكون أكثر "صخبا" وأكثر اندفاعا  لتحسين أدائهم، ولتعزيز وجودهم الرئاسي في الانتخابات، وبالتالي تقليل فرص الرئيس السابق ترامب للعودة، أو لتكريس سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس- النواب والشيوخ- فضلا عن أن دوافع العزل كشفت عن تصاعد نزعة التطرف والراديكالية الجمهورية المحافظة داخل المجلسين، بما ينعكس على خيارات الخطاب السياسي الأميركي وإجراءاته في التعاطي مع القضايا الداخلية الصعبة، والأزمة الاقتصادية وتصاعدها، وكذلك مع القضايا الخارجية، لاسيما في المواقف التي تخصّ الدعم المفتوح للحرب الأوكرانية، والصراع التجاري مع الصين، وكذلك الاستمرار في فرض العقوبات على روسيا.