بغداد: هدى العزاوي
حذّر مختصون في الشأنين المالي والاقتصادي من أن موضوع تهريب الدولار يحمل دلالة سياسية، إضافة إلى البعد الاقتصادي، وأن جهات متنفذة تقف وراء استمراره، وعلى الحكومة أن تكون جادة وصاحبة إرادة قوية للوقوف أمام التهريب الواضح للدولار، مبينين أنه بالرغم من تمكن هيئة النزاهة الاتحادية خلال شهر واحد من استرجاع ما يقارب 219 مليار دينار عراقي، إلا أن تهريب الدولار للخارج وصل إلى مستويات تجاوزت (600 مليار دولار) منذ 2003.
مقرر اللجنة المالية النيابية للدورة الرابعة، الدكتور أحمد الصفار، بيّن في حديث لـ"الصباح": أن " الأموال المُهرّبة خارج العراق كبيرة جداً، وما تم استرجاعه ربما أقل من 1 % من حجم الأموال المكدّسة خارج العراق، والتي تعود لجهات متنفذة وتم استثمارها في مشاريع عملاقة استفادت منها الدول المضيفة"، مؤكداً أن "هذا الأمر يحتاج إلى إرادة قوية من قبل الحكومة العراقية وإلى سياسة وتنظيم ولجان يتم من خلالها التنسيق مع تلك الدول التي يجب أن تتعاون لاسترداد هذه الأموال، التي تكون، في الغالب، مستفيدة من وجودها، وبالتالي تكون عملية الاسترداد صعبة".
وفي ما يتعلق بتهريب الدولار، قال الصفار: إن "عملية تهريب الدولار عملية سياسية اقتصادية مالية، والعامل الأساسي الذي يمنع من استعادة سعر الدينار، هو العامل السياسي، فالعراق أصبح ساحة للصراعات والمصالح والصراع السياسي، بين الدول التي تشكل كيانات تتفق مع المصالح الأميركية والأخرى المعاقبة والممنوعة اقتصادياً من تداول الدولار، لكون ذلك عملية سيادية بالنسبة لواشنطن، كما أن هناك صراعا بين أميركا وبين هذه الدول الإقليمية ذات العلاقة التجارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية مع العراق"، مبيناً أنه "في حال تحقق الحل السياسي يمكن استعادة سعر صرف الدولار الرسمي، والعامل الآخر لتهريب الدولار يتمثل بالخلل البنيوي والهيكلي لاقتصاد العراق في ظل عدم وجود ناتج محلي حقيقي، واعتماد البلد على استيراد جميع احتياجاته بنسبة 95 % وهي تدفع بالدولار، موضحاً أن "نسبة كبيرة من هذه الأموال تذهب للتهريب، لذلك متى ما تمكن العراق من إعادة هيكلته اقتصادياً ومعالجة الخلل البنيوي، وتمكن من تنشيط القطاعات الاقتصادية الحقيقية (الزراعة والصناعة والتجارة)، واعتمد على الناتج الحقيقي وقلل الاستيراد، فستحل هذه المشكلة".
وبيّن أن "العامل الأخير والمهم - والذي يجب أن تنتبه له الحكومة - هو وجود سياسة مالية فوضوية، ويمكن أن نقول إنه لا توجد سياسة مالية واضحة من خلال استقراء الموازنات التي شرعت ونفذت في العراق بعد 2003 إلى الآن، لا سيما أن النسبة العظمى من الأموال تذهب للموازنة التشغيلية الاستهلاكية"، مؤكداً "أننا اليوم بحاجة إلى حلول جذرية للسيطرة على الدولار المهرّب، كما ذكرت آنفاً".
من جانبه، أشار رئيس "المركز الإقليمي للدراسات"، علي الصاحب، في حديث لـ"الصباح: إلى أنه "بالرغم من تمكن هيئة النزاهة الاتحادية خلال شهر واحد من استرجاع ما يقارب (219) مليار دينار عراقي، إلا أن تهريب الدولار للخارج وصل إلى مستويات تجاوزت (600 مليار دولار) منذ 2003، بحسب تصريحات، بعدما شمرت هيئة النزاهة الاتحادية عن ساعديها بمعالجات حقيقية لملفات الفساد المستشري في جسد الدولة العراقية، والذي تحول من حالة إلى ظاهرة، ثم إلى قاعدة، وأصبح الآن جائحة".
ولفت، إلى أن "هيئة النزاهة استطاعت بإدارتها الجديدة أن تدير الملف بخطوات جيدة واسترجعت للخزينة العراقية نحو 300 مليار دينار عراقي من ملفات فساد في الداخل، ولكن يبقى المهم بل الأهم هو كمية الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج والتي تشير أرقام إلى أنها بحدود (600 مليار دولار)، كذلك لدينا قوافل من الفاسدين والناهبين للمال العام في الخارج ما زالوا ينعمون بتلك الأموال الطائلة ولم تُحرك ضدهم دعاوى قضائية بالرغم من أن العراق من البلدان التي لديها اتفاقات وتعاون مع (الإنتربول) " .
تحرير: محمد الأنصاري