د. أثير ناظم الجاسور
اعتدنا سواء في دراستنا منذ مرحلة الابتدائية ولغاية اليوم، ونحن نطالع ونقرأ الكتب والدراسات تحديدا، تلك التي تحتوي في ثناياها على جداول وخرائط ورسوم بيانية، على أن نجد الإشارة إلى الشكل الآتي لتوضيح مسألة ما بحاجة إلى لغة الصورة والرقم، اللذين يعملان على تأكيد ما تمت قراءته للحديث عن واقع الكلمات، وهذا التأكيد الذي تضمنه الشكل هو بالضرورة إعطاء نتيجة صحيحة بمختلف الاتجاهات، التي قد يتم بحثها بعد التركيز على حقيقة، ما يتضمنه هذا الشكل
وعلى هذا الأساس يتم الاعتماد على مضمون محتواه نتيجة للتراكم العلمي والمعرفي بعد التأكُد من جملة من الحقائق، التي لا بد أن تكون قد صيغت وكُتبت بدقة عالية، بالتالي الاعتماد على نتائج هذا الشكل يكون من بديهيات العمل ذو المخرجات الصحيحة، التي اعتمدت بالدرجة الأساس على صدقية الرقم والصورة والمؤشر البياني.
تعددت الأشكال لا في الكتب والدراسات فقط، بل تجاوزت هذه الأشكال لتأخذ حيزا واسعا من التمثيل وإشغال الفراغات بعد فقدان بوصلة التفكير الصحيح سواء كان داخل المؤسسة الصغيرة إلى الدولة الماسكة بكل التفاصيل، بعد العام 2003 كان التصور الواضح حول شكل العراق وفق ما رسمته وصورته الولايات المتحدة الأمريكية، بناء على الأرقام والبيانات التي وردت للإدارة الأمريكية حول نسب الرضا، كونها دولة احتلال داخل العراق فضلا عن نسب نجاح المشروع، وصولاً للفوضى التي تخطت كل الارقام وأعطت صورة مغايرة لتلك المرسومة بمخيال المواطن الذي بات المتضرر الأكبر، نسب أدت بأن يكون الضرر هو السائد، وصار بلد بحجم العراق يعيش في منطقة رمادية لا مصير ولا مستقبل وحتى التنبؤات ذابت أمام واقع لم يتم تصوره حتى في الخيال، بالمحصلة كل الأسباب تؤدي إلى نتائج وواحد من هذه الأسباب، تم تخيّل شكلٍ مختلفٍ عن واقع نعيشه وبالضرورة سيفرض هذا الأخير نتائجه مهما كانت ملكة الخيال لدينا واسعة، واقعا تعددت الأشكال التي تتضمن كل ما له علاقة بواقعٍ واضح للبعض وغامضٍ للبعض الآخر، الذين يشكلون السواد الاعظم من هذا الطيف الباحث عن شكل واضح يُعطي نتائجَ حقيقة لأسباب معروفة، في كل مرحلة من مراحل تركيب الأشكال التي نحلم بها يعيش التفكير بين مساحة الأمل والتمني ونشير بذلك الخيال صوب الشكل الذي يتخيل لنا أن نعيشه، نعم هي أشكال مختلفة لم نتصور اختلافها بالنسبة للثبات الذي تم رسمه في المخيلة ليعكس مجموعة من الصور التي شكلت انعكاساتها الحقيقة صدمة كبيرة
للجميع.
سوء الإدارة والتنظيم هما أسباب إيجاد أشكال لا تمت للواقع بصلة لعبت دور في إرباك تحقيق الحياة الكريمة التي كان من الممكن أن توصل المجتمع لحالة الرفاهيةاو على أقل تقدير حالة من القبول والرضا، لكن تشوه أشكال الصور التي ساهمت في عرقلة التفكير والوصول للصواب جعلت من النص المؤدي لبناء شكل واضح تستند عليه الدولة ومجتمعها ساهم في تشويش التفكير بما يُناسب اختيار الشكل الأنسب، بالمحصلة كل التوجهات والسلوكيات والممارسات لعبت دورًا في وجود أنظمة، تشكّلت وفق قياسات تعمل على افراز أزمات في مختلف الجوانب لتخلق بالنهاية أشكالا غير متصورة وغير واضحة جعلت من قراءة المشهد العراقي معقدا ومتشابكًا، تتوسطه مجموعة من التحديات التي نتجت عن صراعات داخلية مغلفة بإرادة خارجية داعمة تعمل كأداة أساسية في جعل الشكل الحالي على ما هو عليه بافتراض نجاح هذا النموذج، هو بالضرورة عامل مؤثر في سياسات الخارج الداعم للنموذج إلى الشكل الحالي، بالتالي فإن العمل على إبقاء هذا الشكل، سواء في عدم استقرار النظام السياسي إلى عدم التوازن الاجتماعي، هو فاعل مهم في أن يكون العراق ممراً سهلاً لكل مشاريع الداخل والخارج، لكن هذا لا يعني أن الشكل الحالي هو الثابت لا بل هناك قياسات ثابتة، لا بد العمل عليها الخاصة بمسألة الرفاهية الاجتماعية والوصول لحالة القناعة ليس بالوضع الحالي، انما بأن تكون هناك عدة خيارات التي ستجعل من المخرجات السياسية والاجتماعية واضحة ومستقرة، بخلاف ذلك فإن فكرة الاستقرار والوصول إلى ساحة الحياة الكريمة، ستبقى هدفا شعبيًّا بشكلٍ خاصٍ مما ستولد عملية تفكير دقيق
بالتغيير.